تقرّبه إلى الله تعالى من حيث كونه أجيرا على العمل أو معينا أو غير ذلك أجنبيّ عمّا يتوقّف عليه غسل الجنب ، فالمتطهّر في المقام هو الميّت الذي لا قصد له ، والذي يجب على المباشر قصده إنّما هو إيجاد تلك الطبيعة المقربة للميّت إلى رحمة الله ورضوانه ، وأمّا كونه قاصدا بفعله التقرّب لنفسه بحيث ينافيه قصد الأجرة ـ مثلا ـ فيحتاج إلى دليل آخر غير ما دلّ على اشتراط قصد القربة في الطهارات ، وهو مفقود ، والأصل ينفيه.
ولو أحطت خبرا بما أسلفناه في نيّة الوضوء ، لا نكشف لك الحال في جميع ما يتعلّق بالمقام ، فراجع.
وبما ذكرناه آنفا ظهر لك أنّا وإن لم نقل باشتراط حصول الغسل قربة إلى الله تعالى لكن يشترط فيه كونه بعينه هي الماهيّة المأمور بها ، التي يمتنع تحقّقها ، أو العلم بتحقّقها في الخارج إلّا بإتيانها بقصد كونها كذلك ، فإنّه ذاتا عبادة وإن التزمنا بكونه من حيث صدوره من المكلّف توصّليّا ، نظير صلاة الأجير على ما سيأتي تحقيقها في محلّه إن شاء الله.
فلو أتى به في ضمن فرد محرّم كما لو أوجده رياء أو بماء مغصوب أو نحوهما ممّا يخرج به المأتيّ به بعينه من كونه هو المأمور به ، بطل.
ولو أوجده لغاية محرّمة من دون أن تؤثّر في حرمة الفعل كما لو نوى به الأجرة وقلنا بحرمتها في الواجبات الكفائيّة ، فوجهان أظهر هما : الصحّة ، وأحوطهما : العدم ، والله العالم.
ثمّ إنّك قد عرفت في محلّه أنّه يكفي في صحّة العبادة وجود الداعي ، ولا تجب مقارنتها للصورة المخطرة ، فيجب في المقام وجود الداعي عند جميع