ألا ترى أنّه لو قيل بأنّ الدم المعفوّ عنه في الثوب والبدن لو أصابه نجاسة أخرى ـ كالعذرة ـ يتأثّر منها ويكتسب نجاستها المانعة ، لا يفهم عرفا من إطلاق ما دلّ على أنّ ملاقي العذرة يطهر بغسله بالماء أنّه يجوز تطهير الدم من النجاسة العارضة ، وليس هذا إلّا لعدم معهوديّة تطهير النجاسات عن النجاسات العارضة ، لا عدم معقوليّته عقلا.
وأمّا ما ادّعوه من دلالة الأدلّة عليه فله منع دلالتها على أزيد من اعتبار إزالة العين ، فإنّه إن كان الإجماع ، فلا وثوق بإرادة كلّ المجمعين أزيد من إزالة العين ، كيف! وظاهر الفاضلين ـ بمقتضى تعليلهم : بأنّ إزالة العينيّة أولى من الحكميّة ـ ليس إلّا إرادة إزالة العين ، بل لا يبعد إرادة جميعهم ذلك حتى المعبّرين بوجوب تطهير بدن الميّت فضلا عمّن عبّر بلفظ «الإزالة» فإنّ إرادة التطهير الحقيقي عن النجاسة الحكميّة على الإطلاق متعذّر ، وإرادة إزالة عين النجاسة العارضة وأثرها بالخصوص بإجزاء الماء على المحلّ بعد إزالة العين على الوجه المعتبر في التطهير وإن لم يفد طهارته على الإطلاق ـ مع ما عرفت من بعده عن الأذهان ـ ليست بأولى من إرادة التطهير الصوري الذي هو عبارة عن إزالة العين.
فالإنصاف عدم ظهور كلمات الأصحاب في إرادة أزيد من إزالة العين.
نعم ، لا يبعد دعوى انصرافها إلى كونها بالماء المطلق وإن كان فيه أيضا تأمّل.
هذا إذا كان الدليل هو الإجماع ، وإن كان الأخبار ، فلا يكاد يفهم منها أزيد من وجوب إزالة العين ، فإنّ ما ورد فيها من الأمر بغسل الفرج ثلاثا قبل كلّ غسل ـ كاليدين ـ إنّما أريد به التعبّد من دون توقّفه على وجود النجاسة العارضة ،