للأمر المتعلّق بالطبيعة إذا تحقّق في الخارج بعنوانه الراجح الواقع في حيّز الطلب ، أي كونه مصداقا للطبيعة المأمور بها قرية إلى الله تعالى ، ولا يتوقّف ذلك على كونه مأمورا به بالفعل ، لما عرفت في نيّة الوضوء من أنّ القربة المصحّحة للعبادة ليست إلّا كون العمل لله تعالى ، لا لسائر الأغراض النفسانيّة ، وهذا المعنى محقّق في جميع الموارد التي حكمنا بصحّة العبادة.
ولا ينافيه ما ينويه الغافل عن قبحه من قصد امتثال الأمر المتعلّق به مع أنّه لم يتعلّق به بخصوصه أمر في الواقع ، لأنّ انتفاء الأمر الواقعي لا يخرج العمل الواقع لله تعالى من كونه كذلك ، غاية الأمر أنّه زعم أنّ الله قد أمره بذلك ، فأوجده لله بهذا الداعي ولم يكن الأمر كما زعم ، ولا ضير فيه ، كما تقدّم تحقيقه وتنقيحه في مبحث النيّة.
وبما ذكر يتّضح لك الوجه في صحّة الغسل فيما نحن فيه مطلقا بناء على الوجه الأخير لو أوجده لاحتمال وجوبه لأجل احتمال المماثلة ، فإنّه وإن لم ينو إلّا امتثال الأمر المحتمل لكن احتمال كونه واجبا من قبل الله تعالى أثّر في إيجاده ، فأوجده لله لا لسائر الأغراض ، ولذا نقول باستحقاق ثواب الانقياد على تقدير عدم مصادفة الاحتمال ، ومقتضاه صحّة العمل مطلقا إذا كان من قبيل ما هو المفروض فيما نحن فيه.
لكنّ الأحوط في المقام ـ بل في كلّ مورد حكمنا فيه بالتخيير بين فعل عبادة وتركها ، لدوران الأمر فيها بين المحذورين ونحوه إذا كان احتمال الحرمة فيه مسبّبا عن احتمال جهة عارضيّة مقبّحة كغصبيّة ماء الغسل ـ أن ينوي بفعله إيجاد الطبيعة الراجحة شرعا ، التي تعلّق بها الطلب الشرعي من دون أن يجعل