خصوصا مع أنّ المأمور به هو التسجية تجاه القبلة ولا قائل بوجوبه على الظاهر.
وتوهّم عدم منافاة استحباب التسجية وجوب الاستقبال ، مدفوع : بأنّه بعد أن علم أنّ الأمر بالتسجية للاستحباب لم يبق لقوله عليهالسلام : «تجاه القبلة» ظهور في الوجوب مع كونه من متعلّقات ذلك المأمور به المحمول على الاستحباب.
واستدلّ له أيضا : بموثّقة معاوية بن عمّار ، قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن الميّت ، فقال : «استقبل بباطن قدميه القبلة» (١).
وفيه : أنّ الاستدلال بها ـ بعد الإغماض عن مثل المناقشة المتقدّمة في الرواية السابقة ـ إنّما يتمّ لو كان السؤال عن حكم الميّت ، وهو غير معلوم ، لجواز أن يكون السؤال عن كيفيّة الاستقبال ، وعلى هذا التقدير لا ينعقد للجواب ظهور في الوجوب ، كما لا يخفى وجهه.
وبهذا ظهر لك إمكان الخدشة في الروايات الواردة في كيفيّة الاستقبال.
مثل : رواية إبراهيم الشعيري وغير (٢) واحد عن الصادق عليهالسلام قال في توجيه الميّت : «يستقبل بوجهه القبلة ، ويجعل قدميه ممّا يلي القبلة» (٣).
ورواية ذريح عن أبي عبد الله عليهالسلام في حديث ، قال : «وإذا وجّهت الميّت للقبلة فاستقبل بوجهه القبلة لا تجعله معترضا كما يجعل الناس ، فإنّي رأيت أصحابنا يفعلون ذلك ، وقد كان أبو بصير يأمر بالاعتراض ، أخبرني بذلك عليّ بن
__________________
(١) الكافي ٣ : ١٢٧ / ٢ ، التهذيب ١ : ٢٨٥ / ٨٣٤ ، الوسائل ، الباب ٣٥ من أبواب الاحتضار ، الحديث ٤.
(٢) في التهذيب : عن غير.
(٣) الكافي ٣ : ١٢٦ / ١ ، التهذيب ١ : ٢٨٥ / ٨٣٣ ، الوسائل ، الباب ٣٥ من أبواب الاحتضار ، الحديث ٣.