رضا المولى بترك المأمور به.
ودعوى استفادته من هذا الخطاب ممنوعة جدّا.
نعم ، لا نتحاشي عن استشمام رائحة الاستحباب بل استشعاره من هذا السنخ من الأخبار المعلّلة بنزول الملائكة أو الرحمة أو وفور الأجر ونحوها ، لكن لا يكفي ذلك في ترخيص العقل ترك امتثال الأمر الصادر من المولى لا على جهة الإرشاد خصوصا في مثل المقام الذي يكون بيان الفائدة لطفا في امتثال المأمور به ، فإنّ أحدا لا يقدم على تفويت هذه الفائدة العظمى على الميّت بهذا العمل اليسير في هذا المضيق خصوصا أهله وأقاربه.
فالإنصاف أنّ القول بالوجوب بالنظر إلى ظاهر هذه الرواية مع أنّه أحوط لا يخلو عن قوّة.
واستدلّ له أيضا بمصحّحة سليمان بن خالد ، قال : سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول : «إذا مات لأحدكم ميّت فسجّوه (١) تجاه القبلة ، وكذلك إذا غسّل يحفر له موضع المغتسل تجاه القبلة فيكون مستقبلا بباطن قدميه ووجهه إلى القبلة» (٢).
وفيه : أنّ ظاهره الأمر بالتسجية تجاه القبلة بعد الموت ، فتكون مستحبّة ، إذ لا قائل بوجوبها ، كما يؤيّده عطف قوله عليهالسلام : «وكذلك إذا غسّل» إلى آخره.
ودعوى : أنّ المراد من قوله : «إذا مات» إذا أشرف على الموت ، غير مسموعة ، إذ ليس ارتكاب هذا التجوّز أولى من حمل الأمر على الاستحباب
__________________
(١) سجّي الميّت : غطّاه. والتسجية أن يسجّى الميّت بثوب ، أي يغطّى به. لسان العرب ١٤ : ٣٧١ «سجا».
(٢) الكافي ٣ : ١٢٧ / ٣ ، التهذيب ١ : ٢٨٦ / ٨٣٥ ، الوسائل ، الباب ٣٥ من أبواب الاحتضار ، الحديث ٢.