من بعض لأجل سكوتهم عن هذا الفرع ، كالحلّيّ وغيره ، وهو غير ضائر في جبر الضعف ، خصوصا على ما هو المختار من حجّيّة الموثّق لذاته.
نعم ، قد أعرض عنهما بعض من تأخّر عن المصنّف ، كصاحب المدارك (١) ومن حذا حذوه ممّن دأبه ردّ الروايات التي لم توصف بالصحّة المصطلحة.
وضعفه لدينا ظاهر ، فلا يحلّ لنا طرح مثل هاتين الروايتين المشهورتين اللّتين تلقّاهما الأصحاب بالقبول إلّا بمعارض مكافئ ، كما صنعه في الحدائق حيث اعترف باعتبار الروايتين ، وطعن على المصنّف في تضعيفهما بما عرفت ، لكنّه مع ذلك مال إلى ما قال به في المعتبر ، لزعمه دلالة هذه الروايات على طهارة أهل الكتاب ، ومعارضتها بما دلّ على نجاستهم وأرجحيّة المعارض (٢).
وفيه ـ بعد الغضّ عمّا سيأتي في محلّه من التأمّل في الترجيح لو لم يتحقّق الإجماع على النجاسة ـ : أنّه لا منافاة بين صحّة الغسل ونجاسة الكتابيّ.
ألا ترى أنّ المشهور قائلون بالصحّة مع التزامهم بنجاسة الكفّار مطلقا ، فمقتضاه إمّا العفو عن هذه النجاسة الحاصلة من مباشرة الكافر وعدم مانعيّتها من رفع الحدث وإن تنجّس بها الماء وبدن الميّت ، لكنّه عفي عنه لمكان الضرورة ، وإمّا عدم انفعال الماء المستعمل في الغسل ولا بدن الميّت من مباشرته ، وليس في العقل ما يستحيل شيئا من الأمرين ولا في الشرع ما ينافيه إلّا العمومات التي يجب تخصيصها بالدليل المعتبر.
وتوهّم اشتراط كونه بالماء الكثير أو على وجه لا يلاقيه الكافر برطوبة
__________________
(١) مدارك الأحكام ٢ : ٦٤.
(٢) الحدائق الناضرة ٣ : ٤٠٢ ـ ٤٠٣.