قال ابن عربشاه : لما أتى تيمور إلى قلعة الروم كان نائبها الناصري محمد بن موسى ابن شهري ، فأقام بها يوما ثم تركها ورحل عنها إلى عينتاب ، وكان نائبها أركماش ، فحصنّها واستعد وباشر القتال بنفسه ، ثم لما علم أن لا طاقة له بتيمور هرب إلى حلب واستولى تيمور على عينتاب ، ثم أرسل وهو في عينتاب رسولا إلى نائب حلب ومعه كتاب له طلب فيه منه أن يطيع أوامره وأن يكفّ عن القتال وأن يسلمه أطلاميش زوج بنت أخت تيمور ، وكان هذا أسيرا في مصر كان أسره التركمان وأرسلوه إلى مصر قبل هذه المدة ، فلم يجب إلى شيء مما طلبه ، وقتل سودون نائب دمشق الذي كان وقتئذ موجودا في حلب مع بقية نواب البلاد الشامية رسول تمرلنك قبل أن يسمع كلامه وضرب رأسه على رؤوس الأشهاد وبئس ما فعل.
قال في روض المناظر : ولما كان يوم الخميس تاسع ربيع الأول نازل الملعون حلب وكان نائبها المقر السيفي دمرداش الخاصكي وقد حضرت إليه عساكر المملكة الشامية ، عسكر دمشق مع نائبها سيدي سودون وعسكر طرابلس مع نائبها المقر السيفي شيخ الخاصكي وعسكر حماة مع نائبها دقماق وعسكر صفد وغزة.
قال ابن عربشاه ما خلاصة معناه : ثم إن النواب تشاوروا كيف يكافحون تيمور لنك ، فقال البعض : الرأي أن نحصّن البلد ونكون على الأسوار ، فإذا جاء العدو نحاربه من الأسوار ، فقال له بعض الأمراء : هذا أمارة العجز ، والرأي أن نحلق حواليها ونمنع العدو من الوصول إليها ويكون ذلك أفسح للمجال ، ثم ذكر كل من الأمراء ما عنّ له في ذلك ، ثم قال المقر السيفي شيخ الذي صار ملكا بعد ذلك وكان ذا رأي سديد وهو إذ ذاك نائب طرابلس : إن العدو عظيم أمره كثير عدده ، لكنه وإن كان كذلك فهو أعمى لأنه غريب عن البلاد ، والرأي عندي أن نحصّن المدينة ونكون خارجها في جانب واحد ثم نحفر حولنا خنادق ونطير إلى الآفاق أجنحة البطايق إلى الأعراب والأكراد والتراكمة وعشرات البلاد فيتسلطون على العدو من الجوانب ويصير بين قاتل وناهب ، فإن أقام وأنّى له ذلك ففي شر مقام ، وإن تقدم إلينا صافحناه ، وإن رجع رجع بخيبة وهو المرام. ووافقه على هذا الرأي شاه منصور.
فقال دمرداش وهو إذ ذاك نائب المدينة : الأولى أن نناجزه والمناضلة خير من المطاولة ، وإذا لم نناجزه آنس منّا الوهن وخور العزيمة ، وأخذ يحرضهم على ذلك ، ومما