وتجنب الخيل ، تقول : الحرب لا تبقي مودة وقال الخليل : العرب تقول : ما رأيته يقول ذلك إلا زيد ، وما ظننته يقول ذلك إلا زيد.
يعني أبو علي أنها في هذه الأماكن ملغاة ، لا مفعول لها.
ثالثها : أن يكون المفعول الأول للفعل الأول محذوفا ، والثاني هو نفس «بمفازة» ويكون «فلا يحسبنهم» توكيدا للفعل الأول ، وهذا رأي الزمخشريّ ؛ فإنه قال بعد ما حكى هذه القراءة ـ : «على أن الفعل ل (الَّذِينَ يَفْرَحُونَ) والمفعول الأول محذوف ، على معنى : لا يحسبنهم الذين يفرحون بمفازة بمعنى : لا يحسبنهم أنفسهم الذين يفرحون فائزين ، و «فلا يحسبنهم» تأكيد».
قال أبو حيّان : «وتقدم لنا الرّدّ على الزمخشريّ في تقديره : لا يحسبنهم الذين في قوله تعالى : (وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّما نُمْلِي) [آل عمران : ١٧٨] وأن هذا التقدير لا يصح».
قال شهاب الدّين : قد تقدّم ذلك والجواب عنه ، لكن ليس هو في قوله : (وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّما نُمْلِي) بل في قوله : (ولا يحسبن الذين قتلوا في سبيل الله) من قراءة من قرأ بياء الغيبة ، فهناك ردّ عليه بما قال ، وقد أجيب عنه والحمد لله ، وإنما نبهت على ذلك لئلا يطلب هذا البحث من المكان الذي ذكره فلم يوجد.
ويجوز أن يقال ـ في تقرير هذا الوجه الثالث ـ : أنه حذف من إحدى الفعلين ما أثبت نظيره في الآخر وذلك أن «بمفازة» مفعول ثان للفعل الأول ، حذفت من الفعل الثاني ، و «هم» في «فلا يحسبنهم» مفعول أول للفعل الثاني ، وهو محذوف من الأول.
وإذا عرفت ذلك فالفعل الثاني ـ على هذه الأوجه الثلاثة ـ تأكيد للأول.
وقال مكّيّ : إن الفعل الثاني بدل من الأول.
وفي تسمية مثل هذا بدلا نظر لا يخفى ، وكأنه يريد أنه في حكم المكرر ، فهو يرجع إلى معنى التأكيد. وكذلك قال بعضهم : والثاني معاد على طريق البدل ، مشوبا بمعنى التأكيد.
وعلى هذين القولين ـ أعني كونه تأكيدا ، أو بدلا ـ فالفاء زائدة ، ليست عاطفة ولا جوابا.
قوله : (فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ) أصله : تحسبوننّهم ، بنونين ـ الأولى نون الرفع ، والثانية للتوكيد ـ وتصريفه لا يخفى من القواعد المتقدمة. وتعدى هنا فعل المضمر المنفصل إلى ضميره المتصل ، وهو خاص بباب الظن ، وبعدم وفقد دون سائر الأفعال. لو قلت : «أكرمتني» ، أي : «أكرمت أنا نفسي» لم يجز.
وأما قراءة الكوفيين فالفعلان فيها مسندان إلى ضمير المخاطب إما الرسول صلىاللهعليهوسلم أو