كل من يصلح للخطاب ـ والكلام في المفعولين للفعلين كالكلام فيهما في قراءة أبي عمرو وابن كثير ، على قولنا إن الفعل الأول مسند لضمير غائب ، والفعل الثاني تأكيد للأول ، أو بدل منه ، والفاء زائدة ، كما تقدم في توجيه قراءة أبي عمرو وابن كثير ، على قولنا : إن الفعلين مسندان للموصول ؛ لأن الفاعل فيهما واحد ، واستدلوا على أن الفاء زائدة بقول الشاعر : [الكامل]
١٧١٠ ـ لا تجزعي إن منفسا أهلكته |
|
فإذا هلكت فعند ذلك فاجزعي (١) |
وقول الآخر : [الكامل]
١٧١١ ـ لمّا اتّقى بيد عظيم جرمها |
|
فتركت ضاحي جلدها يتذبذب (٢) |
وقول الآخر : [الكامل]
١٧١٢ ـ حتّى تركت العائدات يعدنه |
|
فيقلن : لا تبعد ، وقلت له : ابعد (٣) |
إلا أنّ زيادة الفاء ليس رأي الجمهور ، إنما قال به الأخفش.
وأما قراءة نافع وابن عامر ـ بالغيبة في الأول ، والخطاب في الثاني ـ فوجهها أنهما غايرا بين الفاعلين ، والكلام فيهما يؤخذ مما تقدم ، فيؤخذ الكلام في الفعل الأول من الكلام على قراءة أبي عمرو وابن كثير ، وفي الثاني من الكلام على قراءة الكوفيين بما يليق به ، إلا أنه ممتنع ـ هنا ـ أن يكون الفعل الثاني تأكيدا للأول ، أو بدلا منه ؛ لاختلاف فاعليهما ، فتكون الفاء ـ هنا ـ عاطفة ليس إلا ، وقال أبو علي في الحجة ـ : إن الفاء زائدة ، والثاني بدل من الأول ، قال : «وليس هذا موضع العطف لأن الكلام لم يتم ، ألا ترى أن المفعول الثاني لم يذكر بعد».
وفيه نظر ؛ لاختلاف الفعلين باختلاف فاعليهما.
وأما قراءة الخطاب فيهما مع ضم الباء فيهما فالفعلان مسندان لضمير المؤمنين المخاطبين ، والكلام في المفعولين كالكلام فيهما في قراءة الكوفيين.
__________________
(١) البيت للنمر بن تولب ينظر ديوانه ص ٧٢ ، وتخليص الشواهد ص ٤٩٩ ، وخزانة الأدب ١ / ٢٣١٤ ، ٣٢١ ، ١١ / ٣٦ ، وسمط اللآلي ص ٤٦٨ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ١٦٠ ، والكتاب ١ / ١٣٤ ، ولسان العرب (نفس) (خلل) ، والمقاصد النحوية ٢ / ٥٣٥ ، وشرح المفصل ٢ / ٣٨ ، وشرح شواهد المغني ١ / ٤٧٢ ، ٢ / ٨٢٩ ، ومغني اللبيب ١ / ١٦٦ ، ٤٠٣ والمقتضب ٢ / ٧٦ ، والأشباه والنظائر ٢ / ١٥١ ، والأزهية ص ٢٤٨ ، وجواهر الأدب ص ٦٧ ، والجنى الداني ص ٧٢ ، والرد على النحاة ص ١١٤ وشرح الأشموني ١ / ١٨٨ ، وشرح ابن عقيل ص ٢٦٤ ، وشرح قطر الندى ص ١٩٥ ، وابن الشجري ١ / ٣٣٣ ، ومعاني القرآن للأخفش ٤٧٦ ، والكامل ٣ / ٣٠٠ ، والدر المصون ٢ / ٢٨١.
(٢) تقدم.
(٣) البيت لحاتم الطائي ينظر ديوانه ص ٢١٥ ، الأزهيّة ص ٢٤٧ ، سر صناعة الإعراب ١ / ٢٦٩. والبحر المحيط ٣ / ١٤٤ ، والدر المصون ٢ / ٢٨١.