طاعته بالنور والفرقان ، ويميت قلوب أعدائه من المنافقين بالضلال.
قوله : (وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) قرأ ابن كثير وحمزة والكسائي «يعملون» بالغيبة (١) ؛ ردّا على (الذين كفروا) والباقون بالخطاب ؛ ردّا على قوله : (لا تَكُونُوا) وهو خطاب للمؤمنين.
فإن قيل : الصادر منهم كان قولا مسموعا ، لا فعلا مرئيّا ، فلم علّقه بالبصر دون السمع؟
فالجواب : قال الراغب : لما كان ذلك القول من الكفار قصدا منهم إلى عمل يحاولونه ، خص البصر بذلك ، كقولك ـ لمن يقول شيئا ، وهو يقصد فعلا يحاوله ـ : أنا أرى ما تفعله.
قوله : (وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ) اللام هي الموطئة لقسم محذوف ، وجوابه قوله : (لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ) وحذف جواب الشرط ؛ لسدّ جواب القسم مسده ؛ لكونه دالا عليه وهذا ما عناه الزمخشريّ بقوله : وهو ساد مسدّ جواب الشرط. ولا يعني بذلك أنه من غير حذف.
قوله : (أَوْ مُتُّمْ) قرأ نافع وحمزة والكسائي «متّم» ـ بكسر الميم (٢) ـ والباقون بضمها ، فالضّمّ من مات يموت متّ ـ مثل : قال يقول قلت ، ومن كسر ، فهو من مات يمات متّ ، مثل : هاب يهاب هبت ، وخاف يخاف خفت. روى المبرّد هذه اللغة.
قال شهاب الدين : وهو الصحيح من قول أهل العربية ، والأصل : موت ـ بكسر العين ـ كخوف ، فجاء مضارعه على يفعل ـ بفتح العين ـ.
قال الشاعر : [الرجز]
١٦٧٥ ـ بنيّتي يا أسعد البنات |
|
عيشي ، ولا نأمن أن تماتي (٣) |
فجاء بمضارعه على يفعل ـ بالفتح ـ فعلى هذه اللغة يلزم أن يقال في الماضي المسند إلى التاء ، أو إحدى أخواتها : متّ ـ بالكسر ليس إلا ـ وهو أنا نقلنا حركة الواو إلى الفاء بعد سلب حركتها ، دلالة على بنية الكلمة في الأصل ، وهذا أولى من قول من يقول : إن متّ ـ بالكسر ـ مأخوذة من لغة من يقول يموت ـ بالضم في المضارع ـ وجعلوا ذلك شاذا في القياس كثيرا في الاستعمال ، كالمازني وأبي علي الفارسي ـ ونقله
__________________
(١) انظر : السبعة ٢١٧ ، والحجة ٣ / ٩١ ، وحجة القراءات ١٧٧ ، والعنوان ٨١ ، وشرح شعلة ٣٢٤ ، وشرح الطيبة ٤ / ١٧٠ ، وإتحاف ١ / ٤٩٢.
(٢) انظر : السبعة ٢١٨ ، والحجة ٣ / ٩٢ ، ٩٣ ، وحجة القراءات ١٧٨ ، ١٧٩ ، والعنوان ٨١ ، وإعراب القراءات ١ / ١٢١ ، وشرح شعلة ٣٢٤ ، وشرح الطيبة ٤ / ١٧٠ ، ١٧١ ، وإتحاف ١ / ٤٩٢.
(٣) تقدم برقم ٢٥٤.