ونقل تاج القراء أن «أجاب» عام ، و «استجاب» خاص في حصول المطلوب.
قال الحسن : ما زالوا يقولون ربنا ربنا حتى استجاب لهم. وقال جعفر الصادق : من حزبه أمر فقال خمس مرات «ربّنا» نجّاه مما يخاف ، وأعطاه ما أراد ، قيل : وكيف ذلك؟ قال اقرءوا : (الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِياماً وَقُعُوداً) إلى قوله : (إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعادَ) [آل عمران : ١٩١].
قوله تعالى : (أَنِّي لا أُضِيعُ) الجمهور على فتح «أن» والأصل : بأني ، فيجيء فيها المذهبان ، وقل أن يأتي على هذا الأصل ، وقرأ عيسى (١) بن عمر بالكسر ، وفيها وجهان :
أحدهما : على إضمار القول أي : فقال : إني.
والثاني : أنه على الحكاية ب «استجاب» ؛ لأن فيه معنى القول ، وهو رأي الكوفيين.
قوله : (لا أُضِيعُ) الجمهور على «أضيع» من أضاع ، وقرىء (٢) بالتشديد والتضعيف ، والهمزة فيه للنقل كقوله : [الطويل]
١٧١٧ ـ كمرضعة أولاد أخرى وضيّعت |
|
بني بطنها هذا الضّلال عن القصد (٣) |
قوله : «منكم» في موضع جر صفة ل : «عامل» ، أي : كائنا منكم.
قوله : (مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى) فيه خمسة أوجه :
أحدها : أن «من» لبيان الجنس ، بيّن جنس العامل ، والتقدير : الذي هو ذكر أو أنثى ، وإن كان بعضهم قد اشترط في البيانية أن تدخل على معرّف بلام الجنس.
ثانيها : أنّها زائدة ، لتقدم النفي في الكلام ، وعلى هذا فيكون (مِنْ ذَكَرٍ) بدلا من نفس «عامل» ، كأنه قيل : عامل ذكر أو أنثى ، ولكن فيه نظر ؛ من حيث إنّ البدل لا يزاد فيه «من».
ثالثها : أنها متعلقة بمحذوف ؛ لأنها حال من الضمير المستكن في «منكم» ؛ لأنه لما وقع صفة تحمّل ضميرا ، والعامل في الحال العامل في «منكم» أي : عامل كائن منكم كائنا من ذكر.
رابعها : أن يكون (مِنْ ذَكَرٍ) بدلا من «منكم» قال أبو البقاء : «وهو بدل الشيء من الشيء ، وهما لعين واحدة».
يعني فيكون بدلا تفصيليّا بإعادة العامل ، كقوله : (لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ)
__________________
(١) انظر : المحرر الوجيز ١ / ٥٧٧ ، والبحر المحيط ٣ / ١٥٠ ، والدر المصون ٢ / ٢٨٧.
(٢) انظر : البحر المحيط ٣ / ١٥٠ ، والدر المصون ٢ / ٢٨٧.
(٣) ينظر البحر المحيط ٣ / ١٥٠ ، والدر المصون ٢ / ٢٨٧.