وحكى ابن الأعرابي (١) : عال الرجل يعول : كثر عياله ، وعال يعيل افتقر وصار له عائلة ، والحاصل أن «عال» يكون لازما ومتعديا ، فاللازم يكون بمعنى : مال وجار ، والمتعدي ومنه «عال الميزان».
قال أبو طالب : [الطويل]
١٧٤٤ ـ بميزان قسط لا يغلّ شعيرة |
|
ووزّان صدق وزنه غير عائل (٢) |
وعالت الفريضة إذا زادت سهامها ، ومعنى كثر عياله ، وبمعنى تفاقم الأمر ، والمضارع من هذا كله يعول ، وعال الرجل افتقر ، وعال في الأرض : ذهب فيها ، والمضارع من هذين يعيل ، والمتعدي يكون بمعنى أثقل ، وبمعنى مان من المؤونة ، وبمعنى غلب ومنه «عيل صبري» ، ومضارع هذا كله يعول ، وبمعنى أعجز ، تقول : أعجزني الأمر ، ومضارع هذا يعيل ، والمصدر «عيل» و «معيل» ، فقد تلخص من هذا أن «عال» اللازم يكون تارة من ذوات الواو ، وتارة من ذوات الياء ، باختلاف المعنى ، وكذلك عال المتعدي أيضا. ومنه : [الطويل]
١٧٤٥ ـ ووزّان صدق وزنه غير عائل (٣)
وفسّر الشافعي رحمهالله (تَعُولُوا) بمعنى يكثر عيالكم.
وردّ هذا القول جماعة كأبي بكر بن داود الرازي والزجاج وصاحب النظم (٤).
قال الرازي (٥) : «هذا غلط من جهة المعنى واللفظ ، أما المعنى فلإباحة السراري صح أنه مظنة كثرة العيال كالتزوج ، وأما اللفظ ؛ فلأن مادة عال بمعنى كثر عياله من ذوات الياء ؛ لأنه من العيلة ، وأما عال بمعنى «جار» فمن ذوات الواو ، واختلفت المادتان ، وأيضا فقد خالف المفسرين».
وقال صاحب النظم : قال أولا (أَلَّا تَعْدِلُوا) فوجب أن يكون ضده الجور.
وأجيب عن الأول وهو أنّ التّسري أيضا يكثر معه العيال ، مع أنه مباح ممنوع ؛ لأن الأمة ليست كالزوجة ؛ لأنه يعزل عنها بغير إذنها ، ويؤجرها ويأخذ أجرتها ينفقها عليه وعلى أولاده وعليها.
قال الزمخشري (٦) : «وجهه أن يجعل من قولك : عال الرجل عياله يعولهم كقولك :
__________________
(١) ينظر : الدر المصون ٢ / ٣٤.
(٢) ينظر : تهذيب اللغة ٣ / ١٩٦ ، ٤٠٢ ، والبحر المحيط ٣ / ٨ والقرطبي ٥ / ١٥ والفخر الرازي ٩ / ١٤٤ ، والروض الأنف ١ / ١٧٧.
(٣) تقدم قريبا.
(٤) ينظر : الدر المصون ٢ / ٣٠٤ تفسير الرازي ٩ / ١٤٤.
(٥) المصدران السابقان.
(٦) ينظر : الكشاف ١ / ٤٦٨.