فآتوهن أجورهن» ولم ينكر عليهما هذه القراءة فكان إجماعا ، فيقابل الإجماع الّذي كان حاضرا عند خطبة عمر.
الثّاني : أنّ المذكور في الآية إنّما هو مجرّد الابتغاء بالمال ، ثمّ إنّه تعالى أمر بإيتانهنّ أجورهنّ بعد الاستمتاع بهنّ ، وذلك يدلّ على أنّ مجرّد الابتغاء بالمال يجوز الوطء ، ومجرّد الابتغاء بالمال لا يكون إلّا في نكاح المتعة ، فأمّا في النّكاح المطلق ، فالحل إنّما يحصل بالعقد والولي والشّهود ، ولا يفيد فيه مجرّد الابتغاء بالمال.
الثّالث : أنّه واجب إيتاء الأجور بمجرّد الاستمتاع ، والاستمتاع عبارة عن التّلذّذ والانتفاع ، وأمّا في النّكاح المطلق فإيتاء (١) الأجور لا يتوقّف على الاستمتاع ألبتّة بل على العقد. ألا ترى أنّ بمجرد النّكاح يلزم نصف المهر.
الرّابع : أن الأمّة مجمعة على أنّ نكاح المتعة كان جائزا في الإسلام ، وإنّما الخلاف في النّسخ ، فنقول لو كان النّاسخ موجودا ، لكان إمّا معلوما بالتّواتر أو الآحاد ، ولم يعلم بالتّواتر ؛ لأنّه كان يلزم منه كون عليّ ، وابن عباس ، وعمران بن الحصين منكرين لما عرف ثبوته بالتّواتر في دين محمّد عليهالسلام ، وذلك يوجب تكفيرهم ، ويكون باطلا قطعا ، وإن كان ثابتا بالآحاد لزم نسخ الثابت المتواتر المقطوع به بخبر الواحد المظنون ، وهذا أيضا باطل ، ومما يدلّ على بطلان هذا النّسخ أيضا أنّ أكثر الرّوايات أنّ النّبيّ صلىاللهعليهوسلم نهى عن المتعة يوم خيبر ، وأكثر الرّوايات أنّه عليهالسلام أباح المتعة في حجّة الوداع وفي يوم الفتح ، وهذان اليومان متأخران عن يوم خيبر ، وذلك يدلّ على فساد ما روي أنّه عليهالسلام نسخ المتعة يوم خيبر ، لأنّ النّاسخ يمتنع تقدّمه على المنسوخ ، [وقول](٢) من قال إنّه حصل التحليل مرارا [والنسخ مرارا] قول ضعيف لم يقل به أحد من [المتقدّمين](٣) المعتبرين ، إلا الذين أرادوا إزالة التّناقض عن هذه الرّوايات.
الخامس : أنّ عمر ـ رضي الله عنه ـ قال على المنبر متعتان كانتا مشروعتين في زمن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وأنا أنهى (٤) عنهما : متعة الحجّ ، ومتعة النّكاح وهذا تنصيص منه على أنّ متعة النّكاح كانت موجودة في عهد رسول الله صلىاللهعليهوسلم وقوله «وأنا أنهى» يدلّ على أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم ما نسخة ، وإنّما عمر هو الذي نسخه وإذا كانت كذلك ؛ وجب أن لا يصير منسوخا بنسخ عمر ، وهذا هو الحجة التي احتجّ بها عمران بن الحصين حيث قال : ولم تنزل آية بنسخ آية المتعة ، ولم ينهنا عنها حتى مات ، ثم قال رجل برأيه ما شاء ، يريد أنّ عمر نهى عنها.
__________________
(١) في أ : فإنما.
(٢) سقط في أ.
(٣) سقط في أ.
(٤) في أ : وإنما أنهى.