الثاني : أن يكون «الشيطان» بدلا ، أو عطف بيان ، و «يخوف» الخبر ، ذكره أبو البقاء.
الثالث : أن يكون «الشيطان» نعتا لاسم الإشارة ، و «يخوف» الخبر ـ على أن يراد ب «الشيطان» نعيم ، أو أبو سفيان ـ ذكره الزمخشري قال أبو حيّان : «وإنما قال : والمراد ب «الشيطان» نعيم ، أو أبو سفيان ؛ لأنه لا يكون نعتا ـ والمراد به إبليس ـ لأنه إذ ذاك ـ يكون علما بالغلبة ، إذ أصله صفة ـ كالعيّوق ـ ثم غلب على إبليس كما غلب العيّوق على النّجم الّذي ينطلق عليه» وفيه نظر.
الرابع : أن يكون «ذلكم» ابتداء ، و «الشيطان» خبر ، و «يخوف» جملة مستأنفة ، بيان لشيطنته ، والمراد بالشّيطان هو المثبط للمؤمنين.
الخامس : أن يكون «ذلكم» مبتدأ ، و «الشيطان» مبتدأ ثان ، و «يخوف» خبر الثاني ، والثاني وخبره خبر الأول ؛ قاله ابن عطية ، وقال : «وهذا الإعراب خير ـ في تناسق المعنى ـ من أن يكون «الشيطان» خبر «ذلكم» لأنه يجيء في المعنى استعارة بعيدة».
وردّ عليه أبو حيّان هذا الإعراب ـ إن كان الضمير في «أولياءه» عائدا على «الشيطان» لخلوّ الجملة الواقعة خبرا عن رابط يربطها بالمبتدأ ـ وليست نفس المبتدأ في المعنى ، نحو : هجّيرى أبي بكر لا إله إلا الله وإن كان عائدا على «ذلكم» ـ ويراد ب «ذلكم» غير الشيطان جاز ، وصار نظير : إنما هند زيد [يضرب غلامها](١) ، والمعنى : إنما ذلكم الركب ، أو أبو سفيان الشيطان يخوفكم أنتم أولياؤه ، أي : أولياء الركب ، أو أولياء أبي سفيان ـ والمشار إليه ب «ذلكم» هل هو عين أو معنى؟ فيه احتمالان :
أحدهما : أنه إشارة إلى ناس مخصوصين ـ كنعيم وأبي سفيان وأشياعهما ـ على ما تقدم.
الثاني : إشارة إلى جميع ما جرى من أخبار الركب وإرسال أبي سفيان وجزع من جزع ـ وعلى هذا التقدير فلا بدّ من حذف مضاف ، أي : فعل الشيطان ، وقدّره الزمخشري : قول الشيطان ، أي : قوله السابق ، وهو : (إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ). وعلى كلا التقديرين ـ أعني كون الإشارة لأعيان أو معان ـ فالإخبار ب «الشيطان» عن «ذلكم» مجاز ؛ لأن الأعيان المذكورين والمعاني من الأقوال والأفعال الصادرة من الكفار ـ ليست نفس الشيطان ، وإنما لما كانت بسببه ووسوسته جاز ذلك.
قوله : (يُخَوِّفُ أَوْلِياءَهُ) قد تقدم ما محله من الإعراب. والتضعيف فيه للتعدية ، فإنه قبل التّضعيف متعدّ إلى واحد ، وبالتضعيف يكتسب ثانيا ، وهو من باب «أعطى» ، فيجوز
__________________
(١) في أ : تضرب عبدها.