قال الأزهري (١) أصله : الدفع ، لمزته دفعته وقال الليث هو الغمز في الوجه ومنه : همزة لمزة. أي : كثير هذين الفعلين. وقال أبو بكر الأصم «اللّمز : أن يشير إلى صاحبه بعيب جليسه. والهمز : أن يكسر عينه على جليسه إلى صاحبه». وقرأ يعقوب (٢) ، وحماد بن سلمة عن ابن كثير ، والحسن ، وأبو رجاء ، ورويت عن أبي عمرو بضمها ، وهما لغتان في المضارع. وقرأ الأعمش (٣) «يلمزك» من «ألمز» رباعيا. وروى حماد بن سلمة «يلامزك» على المفاعلة من واحد ، ك : سافر ، وعاقب.
هذا شرح نوع آخر من طباعهم وأفعالهم ، وهو طعنهم في الرسول بسبب أخذ الصدقات ، ونزلت في ذي الخويصرة التميمي ، واسمه : حرقوص بن زهير ، أصل الخوارج.
قال أبو سعيد الخدري بينما رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقسم مالا إذ جاءه ذو الخويصرة التميمي ، وقال : يا رسول الله اعدل ، فقال : ويلك من يعدل إذا لم أعدل؟. فنزلت هذه الآية. (٤)
وقال الكلبي : قال رجل من المنافقين ويقال له : أبو الجواظ لرسول الله صلىاللهعليهوسلم : أتزعم بأن الله أمرك بأن تضع صدقات في الفقراء والمساكين ، فلم تضعها في رعاة الشاء؟ فقال رسول اللهصلىاللهعليهوسلم : لا أبا لك ، فإنما كان موسى راعيا وإنما كان داود راعيا ، فأنزل الله تعالى هذه الآية ، فلما ذهب قال عليهالسلام : «احذروا هذا وأصحابه ، فإنهم منافقون» (٥).
وروى أبو بكر الأصم في تفسيره أنه عليهالسلام قال لرجل من أصحابه : «ما علمك بفلان؟» قال ما لي به علم إلا أنك تدينه في المجلس وتجزل له العطاء ، فقال عليهالسلام : إنه منافق أداريه عن نفاقه ، وأخاف أن يفسد عليّ غيره ، فقال : لو أعطيت فلانا بعض ما تعطيه؟ فقال عليهالسلام : إنه مؤمن أكله إلى إيمانه ، وإنما هذا منافق أداريه خوف إفساده.
قال ابن عباس «يلمزك» : يغتابك ، وقال قتادة : يطعن عليك (٦) ، وقال الكلبي : يعيبك في أمر ما ، قال أبو علي الفارسي : هنا محذوف والتقدير : يعيبك في تفريق الصدقات فإن أعطوا كثيرا فرحوا ، وإن أعطوا قليلا فإذا هم يسخطون. وقد تقدم الكلام
__________________
(١) ينظر : تهذيب اللغة ١٣ / ٢٢٠.
(٢) ينظر : السبعة ص (٣١٥) ، الحجة للقراء للسبعة ٤ / ١٩٦ ـ ١٩٧ ، إعراب القراءات ١ / ٢٤٩ ـ ٢٥٠ ، إتحاف ٢ / ٩٤.
(٣) ينظر : الكشاف ٢ / ٢٨٢ ، المحرر الوجيز ٣ / ٤٧ ، البحر المحيط ٥ / ٥٧ ، الدر المصون ٣ / ٤٧٦.
(٤) أخرجه البخاري (١٢ / ٣٠٣) كتاب استتابة المرتدين : باب من ترك قتال الخوارج للتألف ولئلا يفر الناس عنه حديث (٦٩٣٣) والنسائي (٦ / ٣٥٥) في الكبرى والطبري في «تفسيره» (٦ / ٣٩٤) والبغوي في «تفسيره» (٢ / ٣٠١ ـ ٣٠٢) من حديث أبي سعيد وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٣ / ٤٤٨) وزاد نسبته إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ وابن مردويه.
(٥) ذكره البغوي في «تفسيره» (٢ / ٣٠٢).
(٦) ذكره الرازي في «تفسيره» (١٦ / ٧٩).