الرضا ، واليمين حق للمدّعي ، وأن يكون اليمين بالله عزوجل حسب. وقال النبي صلىاللهعليهوسلم : «من حلف فليحلف بالله أو ليصمت ، ومن حلف له فليصدّق».
قوله : (أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحادِدِ اللهَ وَرَسُولَهُ) الآية.
والمقصود من هذه الآية : شرح أحوال المنافقين الذين تخلّفوا عن غزوة تبوك.
قرأ الجمهور «يعلموا» بياء الغيبة ، ردّا على المنافقين ، وقرأ الحسن ، والأعرج (١) «تعلموا» بتاء الخطاب ، فقيل : هو التفات من الغيبة إلى الخطاب إن كان المراد المنافقين.
وقيل : الخطاب للنبي صلىاللهعليهوسلم وأتى بصيغة الجمع تعظيما ؛ كقوله : [الطويل]
٢٨٠٧ ـ فإن شئت حرّمت النّساء سواكم |
|
......... (٢) |
وقيل : الخطاب للمؤمنين. وبهذه التقادير الثلاثة يختلف معنى الاستفهام ، فعلى الأول يكون الاستفهام للتقريع والتوبيخ ، كقول الإنسان لمن حاول تعليمه مدة وبالغ في التعليم فلم يتعلم ، يقال له ألم تتعلّم؟ وإنما حسن ذلك ؛ لأنّه طال مكث رسول الله صلىاللهعليهوسلم معهم ، وكثر تحذيره من معصية الله ، والترغيب في طاعة الله.
وعلى الثاني يكون للتعجب من حالهم ، وعلى الثالث يكون للتقرير. والعلم هنا : يحتمل أن يكون على بابه ، فتسدّ «أن» مسدّ مفعولين عند سيبويه (٣) ، ومسدّ أحدهما والآخر محذوف عند الأخفش.
وأن يكون بمعنى العرفان ، فتسدّ «أنّ» مسدّ مفعوله. و «من» شرطيّة ، و (فَأَنَّ لَهُ نارَ) جوابها. وفتحت «أنّ» بعد الفاء ، لما تقدّم في الأنعام. والجملة الشرطية في محلّ رفع خبر «أنّ» الأولى وهذا تخريج واضح. وقد عدل عن هذا التخريج جماعة إلى وجوه أخر ، فقال الزمخشريّ «ويجوز أن يكون (فَأَنَّ لَهُ) معطوفا «أنّه» على أنّ جواب «من» محذوف ، تقديره : ألم يعلموا أنّه من يحادد الله ورسوله يهلك ، فأنّ له نار جهنّم» وقال الجرمي والمبرد : «أنّ» الثانية مكررة للتّوكيد ، كأن التقدير : فله نار جهنم ، وكرّرت «أنّ» توكيدا ، وشبّهه أبو البقاء بقوله تعالى : (ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُوا السُّوءَ) [النحل : ١١٩] ثم قال : (إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها ،) قال : والفاء على هذا جواب الشرط. وردّ أبو حيان على الزمخشري قوله : بأنّهم نصّوا على أنّه إذا حذف جواب الشّرط ، لزم أن يكون فعل الشرط ماضيا ، أو مضارعا مقرونا ب «لم» ، والجواب على قوله محذوف وفعل الشّرط مضارع غير مقترن ب «لم» وأيضا فإنّا نجد الكلام تامّا بدون هذا الذي قدّره.
__________________
(١) وفي مصحف أبيّ بن كعب «ألم تعلم» على خطاب النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وهو وعيد لهم.
ينظر : الكشاف ٢ / ٢٨٥ ، المحرر الوجيز ٣ / ٥٤ ، البحر المحيط ٥ / ٦٦ ، الدر المصون ٣ / ٤٧٩.
(٢) تقدم.
(٣) ينظر : الكتاب ١ / ٦٤.