من ضم شيء آخر إليه. فالجواب : أنها حسبهم في الإيلام ، ومع ذلك يضم إليه نوع آخر زيادة في تعذيبهم.
والثاني : أن المراد بقوله : (وَلَهُمْ عَذابٌ مُقِيمٌ) العذاب العاجل الذي لا ينفك عنهم وهو ما يقاسونه من الخوف من اطلاع الرسول على بواطنهم ، وما يحذرونه من أنواع الفضائح.
قوله : (كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ).
فيه أوجه :
أحدها : أن هذه الكاف في محل رفع ، تقديره : أنتم كالذين ، فهي خبر مبتدأ محذوف.
الثاني : أنها في محل نصب. قال الزجاج (١) : المعنى : وعد كما وعد الذين من قبلكم فهو متعلق ب «وعد». قال ابن عطية (٢) «وهذا قلق». وقال أبو البقاء (٣) : ويجوز أن يكون متعلقا ب (تَسْتَهْزِؤُنَ) [التوبة : ٦٥]. وفي هذا بعد كبير.
وقوله : (كانُوا أَشَدَّ) تفسير لشبههم بهم ، وتمثيل لفعلهم ، وجعل الفراء محلها نصبا بإضمار فعل ، قال : «التشبيه من جهة الفعل ، أي : فعلتم كما فعل الذين من قبلكم» فتكون الكاف في موضع نصب. وقال أبو البقاء : «الكاف في موضع نصب نعتا لمصدر محذوف وفي الكلام حذف مضاف ، تقديره : وعدا كوعد الذين». وذكر الزمخشري وجه الرفع المتقدم ، والوجه الذي تقدم عن الفراء ، وشبهه بقول النمر بن تولب : [الكامل]
٢٨١١ ـ ......... |
|
كاليوم مطلوبا ولا طلبا (٤) |
بإضمار : «لم أر».
قوله : (كَمَا اسْتَمْتَعَ) الكاف في محل نصب ، نعتا لمصدر محذوف ، أي : استمتاعا كاستمتاع الذين.
قوله : (كَالَّذِي خاضُوا) الكاف كالتي قبلها. وفي «الذي» وجوه :
أحدها : أن المعنى : وخضتم خوضا كخوض الذين خاضوا ، فحذفت النون تخفيفا ، أو وقع المفرد موقع الجمع وقد تقدم تحقيقه في أوائل البقرة ، فحذف المصدر الموصوف ، والمضاف إلى الموصول وعائد الموصول تقديره : خاضوه ، والأصل : خاضوا فيه ؛ لأنه يتعدى ب «في» فاتسع فيه فحذف الجار ، فاتصل الضمير بالفعل ، فساغ حذفه ، ولو لا هذا التدريج لما سائغ الحذف ، لما تقدم أنه متى جر العائد بحرف اشترط في جواز حذفه جر الموصول بمثل ذلك الحرف وأن يتحد التعلق مع شروط أخر تقدمت.
__________________
(١) ينظر : معاني القرآن للزجاج ٢ / ٥١٠.
(٢) ينظر : المحرر الوجيز ٣ / ٥٦.
(٣) ينظر : الإملا لأبي البقاء ٢ / ١٨.
(٤) تقدم.