الخبر ، و «حق» وإن كان في الأصل مصدرا ليس بمعنى اسم فاعل ولا مفعول ؛ لكنه في قوة «ثابت» فلذلك رفع الظاهر ، ويجوز أن يكون «حق» خبرا مقدما ، و «هو» مبتدأ مؤخرا ، واختلف في (يَسْتَنْبِئُونَكَ) هذه : هل هي متعدية إلى واحد ، أو إلى اثنين ، أو إلى ثلاثة؟.
فقال الزمخشري : (وَيَسْتَنْبِئُونَكَ) ، فيقولون : أحق هو فظاهر هذه العبارة أنها متعدية لواحد ، وأن الجملة الاستفهامية في محل نصب بذلك القول المضمر المعطوف على «يستنبئونك» وكذلك فهم عنه أبو حيان ، أعني : تعديها لواحد.
وقال مكي (١) : «أحق هو ابتداء وخبر في موضع المفعول الثاني ، إذا جعلت «يستنبئونك» بمعنى : يستخبرونك ، فإذا جعلت «يستنبئونك» بمعنى : يستعلمونك ، كان (أَحَقٌّ هُوَ) ابتداء وخبرا في موضع المفعولين ؛ لأن «أنبأ» إذا كان بمعنى : أعلم ، وكان متعديا إلى ثلاثة مفاعيل ، يجوز الاكتفاء بواحد ، ولا يجوز الاكتفاء باثنين دون الثالث ، وإذا كانت «أنبأ» بمعنى : أخبر ، تعدت إلى مفعولين ، ولا يجوز الاكتفاء بواحد دون الثاني ، وأنبأ ونبأ في التعدي سواء».
وقال ابن عطية (٢) : «معناه : يستخبرونك ، وهو على هذا يتعدى إلى مفعولين أحدهما الكاف ، والآخر في الابتداء والخبر» فعلى ما قال ، تكون «يستنبئونك» معلقة بالاستفهام ، وأصل استنبأ : أن يتعدى إلى مفعولين أحدهما ب «عن» تقول : استنبأت زيدا عن عمرو ، أي: طلبت منه أن ينبئني عن عمرو ، ثم قال : «والظاهر أنها تحتاج إلى ثلاثة مفاعيل أحدها الكاف ، والابتداء والخبر سد مسد المفعولين».
قال أبو حيان (٣) : «وليس كما ذكر ؛ لأن استعلم لا يحفظ كونها متعدية إلى مفاعيل قال أبو حيان (٣) : «وليس كما ذكر ؛ لأن استعلم لا يحفظ كونها متعدية إلى مفاعيل ثلاثة ، لا يحفظ «استعملت زيدا عمرا قائما» فتكون جملة الاستفهام سدت مسد المفعولين ، ولا يلزم من كونها بمعنى «يستعلمونك» أن تتعدى إلى ثلاثة ؛ لأن «استعلم» لا يتعدى إلى ثلاثة ، كما ذكرنا».
وقد سبق ابن عطية إلى هذا مكي ، كما تقدم عنه والظاهر جواز ذلك ، ويكون التعدي إلى ثالث قد حصل بالسين ؛ لأنهم نصوا على أن السين تعدي ، فيكون الأصل : «علم زيد عمرا قائما» ثم تقول : «استعلمت زيدا عمرا قائما» إلا أن النحويين نصوا على أنه لا يتعدى إلى ثلاثة إلا «علم» و «رأى» المنقولين بخصوصية همزة التعدي إلى ثالث ، وأنبأ ، ونبأ ، وأخبر ، وخبر وحدث ، وقرأ (٤) الأعمش : «آلحق» بلام التعريف ، قال الزمخشري : «وهو أدخل في الاستهزاء ، لتضمنه معنى التعريض ، فإنه باطل ؛ وذلك لأن
__________________
(١) ينظر : المشكل ٢ / ٣٨٤.
(٢) ينظر : المحرر الوجيز ٣ / ١٢٥.
(٣) ينظر : البحر المحيط ٥ / ١٦٧.
(٤) ينظر : الكشاف ٢ / ٣٥٢ ، المحرر الوجيز ٣ / ١٢٥ ، البحر المحيط ٥ / ١٦٧ ، الدر المصون ٤ / ٤٢.