اللام للجنس ، فكأنه قال : أهو الحق لا الباطل ، أو : أو الذي سميتموه الحق» والضمير ، أعني: «هو» عائد إما على العذاب ، أو على الشرع ، أو على القرآن ، أو على الوعيد ، أو على أمر الساعة.
قوله : (إِي وَرَبِّي) «إي» حرف جواب بمعنى «نعم» ولكنها تختص بالقسم ، أي : لا تستعمل إلا في القسم بخلاف «نعم».
قال الزمخشري (١) : «وإي : بمعنى نعم في القسم خاصة ؛ كما كان «هل» بمعنى «قد» في الاستفهام خاصة ، وسمعتهم يقولون في التصديق «إيو» فيصلونه بواو القسم ، ولا ينطقون به وحده».
قال أبو حيان (٢) : «لا حجة فيما سمعه لعدم الحجة في كلام من سمعه ؛ لفساد كلامه وكلام من قبله بأزمان كثيرة».
وقال ابن عطية : «هي لفظة تتقدم القسم بمعنى : نعم ، ويجيء بعدها حرف القسم وقد لا يجيء ، تقول : إي وربي وإي ربي».
قوله : (وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ) يجوز أن تكون الحجازية وأن تكون التميمية ؛ لخفاء النصب ، أو الرفع في الخبر.
وهذا عند غير الفارسي ، وأتباعه ، أعني : جواز زيادة الباء في خبر التميمية ، وهذه الجملة تحتمل وجهين :
أحدهما : أن تكون معطوفة على جواب القسم ؛ فيكون قد أجاب القسم بجملتين ؛ إحداهما : مثبتة مؤكدة ب «إن» واللام ، والأخرى : منفية مؤكدة بزيادة الباء.
والثاني : أنها مستأنفة ، سيقت للإخبار بعجزهم عن التعجيز ، و «معجز» من أعجز ، فهو متعد لواحد ؛ كقوله ـ تعالى ـ : (وَلَنْ نُعْجِزَهُ هَرَباً) [الجن : ١٢] فالمفعول هنا محذوف ، أي : بمعجزين الله ، وقال الزجاج : «أي : أنتم ممن يعجز من يعذبكم» ، ويجوز أن يكون استعمل استعمال اللازم ؛ لأنه قد كثر فيه حذف المفعول ، حتى قالت العرب : «أعجز فلان» إذا ذهب في الأرض فلم يقدر عليه ، قال بعض المفسرين : المعنى : ما أنتم بمعجزين ، أي : بفائتين من العذاب ؛ لأن من عجز عن شيء ، فقد فاته.
قوله ـ تعالى ـ : (وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ ما فِي الْأَرْضِ) الآية.
أي : أشركت ما في الأرض ، (لَافْتَدَتْ بِهِ) إلا أن ذلك يتعذر ؛ لأنه في القيامة لا يملك شيئا ؛ لقوله ـ تعالى ـ : (وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَرْداً) [مريم : ٩٥] وبتقدير : أن يملك خزائن الأرض لا يقبل منه الفداء ؛ لقوله ـ تعالى ـ : (وَلا يُؤْخَذُ مِنْها عَدْلٌ) [البقرة:
__________________
(١) ينظر : الكشاف ٢ / ٣٥٢.
(٢) ينظر : البحر المحيط ٥ / ١٦٧.