«يتبع» ومفعول «يدعون» محذوف لفهم المعنى ، والتقدير : وما يتبع الذين يدعون من دون الله آلهة شركاء ، فآلهة : مفعول «يدعون» و «شركاء» : مفعول «يتبع» ، وهو قول الزمخشري.
قال (١) : «ومعنى وما يتبعون شركاء : وما يتبعون حقيقة الشركائء ، وإن كانوا يسمونها شركاء ؛ لأن شركة الله في الربوبية محال ، إن يتبعون إلا ظنهم أنهم شركاء» ثم قال : «ويجوز أن تكون «ما» استفهاما ، يعني : وأي شيء يتبعون ، و «شركاء» على هذا نصب ب «يدعون» ، وعلى الأول ب «يتبع» وكان حقه : «وما يتبع الذين يدعون من دون الله شركاء شركاء» فاقتصر على أحدهما للدلالة». وهذا الذي ذكره الزمخشري قد رده مكي وأبو البقاء.
أما مكي ، فقال : انتصب «شركاء» ب «يدعون» ومفعول «يتبع» قام مقامه (إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ) لأنه هو ، ولا ينتصب الشركائء ب «يتبع» لأنك تنفي عنهم ذلك ، والله قد أخبر عنهم بذلك.
وقال أبو البقاء (٢) : «وشركاء مفعول «يدعون» ولا يجوز أن يكون مفعول «يتبعون» لأن المعنى يصير إلى أنهم لم يتبعوا شركاء ، وليس كذلك».
قال شهاب الدين : «معنى كلامهما : أنه يئول المعنى إلى نفي اتباعهم الشركائء ، والواقع أنهم قد اتبعوا الشركائء». وجوابه ما تقدم من أن المعنى : أنهم وإن اتبعوا شركاء ، فليسوا بشركاء في الحقيقة ، بل في تسميتهم هم لهم بذلك ، فكأنهم لم يتخذوا شركاء ، ولا اتبعوهم لسلب الصفة الحقيقية عنهم ، ومثله قولك : «ما رأيت رجلا» ، أي : من يستحق أن يسمى رجلا ، وإن كنت قد رأيت الذكر من بني آدم ، ويجوز أن تكون «ما» استفهامية ، وتكون حينئذ منصوبة بما بعدها ، وقد تقدم قول الزمخشري في ذلك.
وقال مكي : لو جعلت «ما» استفهاما بمعنى : الإنكار والتوبيخ ، كانت اسما في موضع نصب ب «يتبع».
وقال أبو البقاء نحوه. ويجوز أن تكون «ما» موصولة بمعنى «الذي» نسقا على «من» في قوله : (أَلا إِنَّ لِلَّهِ مَنْ فِي السَّماواتِ).
قال الزمخشري : ويجوز أن تكون «ما» موصولة معطوفة على «من» كأنّه قيل : ولله ما يتّبعه الذين يدعون من دون الله شركاء ، أي : وله شركاؤهم.
ويجوز أن تكون «ما» هذه الموصولة في محلّ رفع بالابتداء ، والخبر محذوف ، تقديره : والذي يتّبعه المشركون باطل ، فهذه أربعة أوجه.
وقرأ السلمي (٣) : «تدعون» بالخطاب ، وعزاها الزمخشريّ لعليّ بن أبي طالب.
__________________
(١) ينظر : الكشاف ٢ / ٣٥٧.
(٢) ينظر : الإملاء ٢ / ٣٠.
(٣) ينظر : الكشاف ٢ / ٣٥٧ ، المحرر الوجيز ٣ / ١٣٠ ، البحر المحيط ٥ / ١٧٤ ، الدر المصون ٤ / ٥١.