قال ابن عطيّة (١) وهي قراءة غير متّجهة.
قال شهاب الدّين (٢) : قد ذكر توجيهها الزمخشريّ ، فقال : ووجهه أن يحمل (وَما يَتَّبِعُ) على الاستفهام ، أي : وأيّ شيء يتّبع الذين تدعونهم شركاء من الملائكة والنبيين ، يعني : أنّهم يتّبعون الله ـ تعالى ـ ويطيعونه ، فما لكم لا تفعلون مثل فعلهم ؛ كقوله : (أُولئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ) [الإسراء : ٥٧].
قوله : (إِنْ يَتَّبِعُونَ) «إن» نافية ، و «الظّن» مفعول به ، فهو استثناء مفرّغ ، ومفعول الظّن محذوف ، تقديره : إن يتّبعون إلّا الظّنّ أنّهم شركاء ، وعند الكوفيين : تكون «أل» عوضا من الضمير ، تقديره : إن يتّبعون إلّا ظنّهم أنهم شركاء ، والأحسن أن لا يقدر للظّنّ معمول ؛ إذ المعنى : إن يتبعون إلا الظن ، لا اليقين.
وقوله : (إِنْ يَتَّبِعُونَ) من قرأ «يدعون» بياء الغيبة ، فقد جاء ب «يتّبعون» مطابقا له ، ومن قرأ «تدعون» بالخطاب ، فيكون «يتّبعون» : التفاتا ؛ إذ هو خروج من خطاب إلى غيبة ، والمعنى : إن يتّبعون إلّا ظنونهم الباطلة ، (وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ) : يكذبون ، وقد تقدّم في الأنعام.
قوله تعالى : (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ) الآية.
لمّا ذكر أنّ العزة لله جميعا ، احتجّ عليه بهذه الآية ، وانظر إلى فصاحتها ، حيث حذف من كل جملة ما ثبت في الأخرى ؛ وذلك أنّه ذكر علّة جعل الليل لنا ، وهي قوله : «لتسكنوا» وحذفها من جعل النهار ، وذكر صفة النّهار ، وهي قوله : «مبصرا» وحذفها من الليل ، لدلالة المقابل عليه ، والتقدير : هو الذي جعل لكم الليل مظلما لتسكنوا فيه ، والنهار مبصرا لتتحرّكوا فيه لمعاشكم ، فحذف «مظلما» لدلالة «مبصرا» عليه ، وحذف «لتتحرّكوا» لدلالة «لتسكنوا» وهذا أفصح كلام.
وقوله : «مبصرا» أسند الإبصار إلى الظّرف مجازا كقولهم : «نهاره صائم ، وليله قائم ونائم».
قال : [الطويل]
٢٩١١ ـ ......... |
|
ونمت وما ليل المطيّ بنائم (٣) |
__________________
(١) ينظر : المحرر الوجيز ٣ / ١٣٠.
(٢) ينظر : الدر المصون ٤ / ٥١.
(٣) عجز بيت لجرير وصدره :
لقد لمتنا يا أم غيلان في السرى
ينظر : ديوانه ٥٥٣ والكتاب ١ / ٨٠ والمقتضب ٣ / ١٠٥ والمحتسب ٢ / ١٨٤ وأمالي ابن الشجري ١ / ٣٦ ومجاز القرآن ١ / ٢٧٩ والخزانة ١ / ٤٦٥ والإنصاف ١ / ٤٣ والقرطبي ٨ / ٢٤٠ والبحر ٥ / ١٧٥ والإيضاح ٣٠١ ، والدر المصون ٤ / ٥٢.