وقرأ العامّة : «وشركاءكم» نصبا وفيه أوجه :
أحدها : أنّه معطوف على «أمركم» بتقدير حذف مضاف ، أي : وأمر شركائكم ؛ كقوله : (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ) [يوسف : ٨٢] ، ودلّ على ذلك ما تقدّم من أنّ «أجمع» للمعاني.
الثاني : أنّه عطف عليه من غير تقدير حذف مضاف ، قيل : لأنّه يقال أيضا : أجمعت شركائي.
الثالث : أنّه منصوب بإضمار فعل لائق ، أي : واجمعوا شركاءكم بوصل الهمزة ، وقيل : تقديره : وادعوا ، وكذلك هي في مصحف أبيّ «وادعوا» فأضمر فعلا لائقا ؛ كقوله ـ تعالى ـ : (وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ وَالْإِيمانَ) [الحشر : ٩] ، أي : واعتقدوا الإيمان.
ومثله قول الآخر : [الرجز]
٢٩١٥ ـ علفتها تبنا وماء باردا |
|
حتّى شتت همّالة عيناها (١) |
أي : وسقيتها ماء ؛ وكقوله : [مجزوء الكامل]
٢٩١٦ ـ يا ليت زوجك قد غدا |
|
متقلّدا سيفا ورمحا (٢) |
وقول الآخر : [الوافر]
٢٩١٧ ـ إذا ما الغانيات يرزن يوما |
|
وزجّجن الحواجب والعيونا (٣) |
يريد : ومعتقلا رمحا ، وكحّلن العيونا ، وقد تقدّم أنّ في هذه الأماكن غير هذا التخريج.
الرابع : أنه مفعول معه ، أي : «مع شركائكم».
قال الفارسيّ : وقد ينصب الشّركاء بواو «مع» ، كما قالوا : جاء البرد والطّيالسة ، ولم يذكر الزّمخشريّ غير قول أبي علي.
قال الزّجّاج : معناه : فأجمعوا أمركم مع شركائكم ، فلما ترك انتصب».
قال أبو حيّان : «وينبغي أن يكون هذا التخريج على أنّه مفعول معه من الفاعل ، وهو الضمير في «فأجمعوا» لا من المفعول الذي هو «أمركم» وذلك على أشهر الاستعمالين ؛ لأنّه يقال : «أجمع الشركاء أمرهم» ولا يقال : «جمع الشركاء أمرهم» إلا قليلا».
قال شهاب الدين : يعني : أنّه إذا جعلناه مفعولا معه من الفاعل ، كان جائزا بلا خلاف ، وذلك لأنّ من النّحويين من اشترط في صحّة نصب المفعول معه : أن يصلح عطفه على ما قبله ، فإن لم يصلح عطفه ، لم يصحّ نصبه مفعولا معه ، فلو جعلناه من
__________________
(١) تقدم.
(٢) تقدم.
(٣) تقدم.