المفعول لم يجز على المشهور ، إذ لا يصلح عطفه على ما قبله ، إذ لا يقال : أجمعت شركائي ، بل جمعت.
وقرأ الزهري ، والأعمش ، والأعرج ، والجحدري (١) ، وأبو رجاء ، ويعقوب ، والأصمعي عن نافع : «فاجمعوا» بوصل الألف ، وفتح الميم من جمع يجمع ، و «شركاءكم» على هذه القراءة يتضح نصبه نسقا على ما قبله ، ويجوز فيه ما تقدّم في القراءة الأولى من الأوجه.
قال صاحب اللوامح : أجمعت الأمر : أي : جعلته جميعا ، وجمعت الأموال جمعا ، فكان الإجماع في الأحداث ، والجمع في الأعيان ، وقد يستعمل كلّ واحد مكان الآخر ، وفي التنزيل : (فَجَمَعَ كَيْدَهُ) [طه : ٦٠] وقد اختلف القراء في قوله : (فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ) [طه : ٦٤].
فقرأ الستّة : بقطع الهمزة ، جعلوه من «أجمع» وهو موافق لما قيل : إنّ «أجمع» في المعاني.
وقرأ أبو (٢) عمرو وحده «فاجمعوا» بوصل الألف ، وقد اتفقوا على قوله (فَجَمَعَ كَيْدَهُ ثُمَّ أَتى) [طه : ٦٠] ، فإنّه من الثلاثي ، مع أنّه متسلّط على معنى ، لا عين.
ومنهم من جعل للثلاثي معنى غير معنى الرّباعي ؛ فقال في قراءة أبي عمرو : من جمع يجمع ضد فرّق يفرق ، وجعل قراءة الباقين من : أجمع أمره إذا أحكمه وعزم عليه ، ومنه قول الشاعر : [الرجز]
٢٩١٨ ـ يا ليت شعري والمنى لا تنفع |
|
هل أغدون يوما وأمري مجمع؟ (٣) |
وقيل : المعنى : فاجمعوا على كيدكم ؛ فحذف حرف الجرّ.
وقرأ الحسن ، والسلمي ، وعيسى بن عمر ، وابن أبي إسحاق ، وسلام (٤) ، ويعقوب : «وشركاؤكم» رفعا ، وفيه تخريجان :
أحدهما : أنّه نسق على الضّمير المرفوع ب «أجمعوا» قبله ، وجاز ذلك ؛ إذ الفصل بالمفعول سوّغ العطف.
والثاني : أنه مبتدأ محذوف الخبر ، تقديره : وشركاؤكم فليجمعوا أمرهم ، وشذّت
__________________
(١) ينظر : السبعة ص (٣٢٨) ، الحجة ٤ / ٢٨٧ ، إعراب القراءات ١ / ٢٧٠ ، النشر ٢ / ٢٨٦ ، إتحاف فضلاء البشر ٢ / ١١٧.
(٢) ينظر : السابق.
(٣) تقدم.
(٤) ينظر : إعراب القراءات ١ / ٢٧١ ، إتحاف فضلاء البشر ٢ / ١١٧ ـ ١١٨ ، المحرر الوجيز ٣ / ١٣٢ ، البحر المحيط ٥ / ١٧٨ ، الدر المصون ٤ / ٥٥.