يكون وحده ، بل له حاشية ، وعساكر ، وجند ؛ فكان التقدير : على خوف من فرعون ، وقومه ، وملئهم ، أي : ملأ فرعون وقومه ، وهو منقول عن الفرّاء أيضا.
قال شهاب الدّين (١) : حذف المعطوف قليل في كلامهم ، ومنه عند بعضهم ، قوله ـ تعالى ـ : (تَقِيكُمُ الْحَرَّ) [النحل : ٨١] أي : والبرد ؛ وقول الآخر : [الطويل]
٢٩٢٥ ـ كأنّ الحصى من خلفها وأمامها |
|
إذا حذفته رجلها حذف أعسرا (٢) |
أي : ويدها.
قوله : (أَنْ يَفْتِنَهُمْ) أي : يصرفهم عن دينهم ، وفيه ثلاثة أوجه :
أحدها : أنّه في محلّ جرّ على البدل من «فرعون» ، وهو بدل اشتمال ، تقديره : على خوف من فرعون فتنة ، كقولك : «أعجبني زيد علمه».
الثاني : أنّه في موضع نصب على المفعول به بالمصدر ، أي : خوف فتنته ، وإعمال المصدر المنوّن كثير ؛ كقوله : (أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ يَتِيماً) [البلد : ١٤ ، ١٥] ، وقول الآخر : [الطويل]
٢٩٢٦ ـ فلو لا رجاء النّصر منك ورهبة |
|
عقابك قد كانوا لنا بالموارد (٣) |
الثالث : أنّه منصوب على المفعول من أجله بعد حذف اللام ، ويجري فيها الخلاف المشهور.
وقرأ الحسن (٤) ، ونبيح : «يفتنهم» بضمّ الياء من «أفتن» وقد تقدّم ذلك [النساء ١٠١].
قوله : (وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعالٍ فِي الْأَرْضِ) أي : متكبّر ، أو ظالم ، أو قاهر ، و (فِي الْأَرْضِ) متعلّق ب «عال» ؛ كقوله : [الكامل]
٢٩٢٧ ـ فاعمد لما تعلو فما لك بالّذي |
|
لا تستطيع من الأمور يدان (٥) |
أي : لما تقهر ، ويجوز أن يكون (فِي الْأَرْضِ) متعلّقا بمحذوف ؛ لكونه صفة ل «عال» فيكون مرفوع المحلّ ، ويرجح الأول قوله : (إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الْأَرْضِ) [القصص : ٤] ثم قال : (وَإِنَّهُ لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ) : المجاوزين الحدّ ؛ لأنه كان عبدا ، فادّعى الرّبوبيّة ، وقيل : لأنه كان كثير القتل والتعذيب لمن يخالفه ، والغرض منه : بيان السّبب في كون أولئك المؤمنين خائفين.
__________________
(١) ينظر : الدر المصون ٤ / ٦٢.
(٢) تقدم.
(٣) تقدم.
(٤) وقرأ بها أيضا جراح.
ينظر : المحرر الوجيز ٣ / ١٣٧ ، البحر المحيط ٥ / ١٨٣ ، الدر المصون ٤ / ٦٣.
(٥) البيت لكعب بن سعد الغنوي أو لعلي بن عدي الغنوي.
ينظر : البحر المحيط ٥ / ١٨٣ واللسان (علا) والدر المصون ٤ / ٦٣.