٢٩٣٢ ـ فلا ينبسط من بين عينيك ما انزوى |
|
ولا تلقني إلّا وأنفك راغم (١) |
وعلى القول بأنه معطوف على «ليضلّوا» يكون ما بينهما اعتراضا.
قوله : (قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُما) : الضمير لموسى وهارون.
قيل : كان موسى يدعو وهارون يؤمّن ، فنسب الدعاء إليهما ؛ لأنّ المؤمن أيضا داع ؛ لأنّ قوله : «آمين» أي : استجب.
وقيل : المراد موسى وحده ، ولكن كنّى عن الواحد بضمير الاثنين.
وقيل : لا يبعد أن يكون كلّ واحد منهما ذكر هذا الدّعاء ؛ غاية ما في الباب أن يقال : إنّما حكى هذا الدعاء عن موسى ، بقوله : (وَقالَ مُوسى رَبَّنا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً) إلّا أنّ هذا لا ينافي أن يكون هارون ذكر ذلك الدعاء أيضا.
وقرأ السلمي (٢) ، والضحاك : «دعواتكما» على الجمع.
وقرأ ابن السّميفع : «قد أجبت دعوتكما» (٣) بتاء المتكلم ، وهو الباري ـ تعالى ـ ، «دعوتكما» نصب على المفعول به.
وقرأ الرّبيع : «أجبت دعوتيكما» (٤) بتاء المتكلم أيضا ، ودعوتيكما تثنية ، وهي تدلّ لمن قال : إنّ هارون شارك موسى في الدّعاء.
قوله : «فاستقيما» أي : على الدّعوة والرّسالة ، وامضيا لأمري إلى أن يأتيهم العذاب ، قال ابن جريج : لبث فرعون بعد هذا الدّعاء أربعين سنة (٥).
(وَلا تَتَّبِعانِّ) : قرأ العامّة بتشديد التاء والنون ، وقرأ حفص (٦) بتخفيف النّون مكسورة ، مع تشديد التّاء وتخفيفها ، وللقرّاء في ذلك كلام مضطرب بالنّسبة للنّقل عنه.
فأمّا قراءة العامّة ، ف «لا» فيها للنّهي ، ولذلك أكّد الفعل بعدها ، ويضعف أن تكون نافية ؛ لأنّ تأكيد المنفيّ ضعيف ، ولا ضرورة بنا إلى ادّعائه ، وإن كان بعضهم قد ادّعى ذلك في قوله : (لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا) [الأنفال : ٢٥] لضرورة دعت إلى ذلك هناك ،
__________________
(١) البيت للأعشى ينظر : ديوانه ١٧٨ والبحر المحيط ٥ / ١٨٦ والقرطبي ٨ / ٢٣٩ واللسان (زوى) وشرح جمل الزجاجي ٢ / ٣٨٧ وزاد المسير ٤ / ٥٧ وجامع البيان ١٥ / ١٨٣ وشرح القصائد الجاهليات ٣٦٦ ومجمع البيان ٥ / ١٩٥ والكامل ٢ / ٢٦٧ والدر المصون ٤ / ٦٥.
(٢) ينظر : الكشاف ٢ / ٣٦٦ ، المحرر الوجيز ٣ / ١٣٩ ، البحر المحيط ٥ / ١٨٦ ، الدر المصون ٤ / ٦٥.
(٣) ينظر : البحر المحيط ٥ / ١٨٦ ، الدر المصون ٤ / ٦٥.
(٤) ينظر : المحرر الوجيز ٣ / ١٣٩ ، البحر المحيط ٥ / ١٨٦ ، الدر المصون ٤ / ٦٥.
(٥) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٦ / ٦٠٣ ، ٦٠٤).
(٦) ينظر : السبعة ص (٣٢٩) ، الحجة ٤ / ٢٩٢ ، حجة القراءات ص (٣٣٦) ، إعراب القراءات ١ / ٢٧٢ ـ ٢٧٣ ، النشر ٢ / ٢٨٦ ، إتحاف فضلاء البشر ٢ / ١١٩.