وروى ابن جريج عن مجاهد قال : هو ملك يحفظه ويسدده (١).
وقال الحسين بن الفضل : هو القرآن ونظمه (٢).
وقيل : هو عليّ بن أبي طالب ـ كرّم الله وجهه ـ قال علي : «ما من رجل من قريش إلّا ونزلت فيه آية من القرآن» ، فقال له رجل : «أي شيء نزل فيك»؟ قال : (وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ).
وقيل : هو الإنجيل. و (مِنْ قَبْلِهِ) أي : من قبل مجيء محمد صلىاللهعليهوسلم.
وقيل (٣) : من قبل نزول القرآن. (كِتابُ مُوسى) أي : كان كتاب موسى (إِماماً وَرَحْمَةً) لمن اتّبعه ، أي التّوراة ، وهي مصدقة للقرآن ، شاهدة للنبي صلىاللهعليهوسلم (أُولئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ) يعني : أصحاب محمد صلىاللهعليهوسلم.
وقيل : أراد الذين أسلموا من أهل الكتاب.
(وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ) أي : بمحمّد صلىاللهعليهوسلم.
وقيل بالقرآن «من الأحزاب» من الكفّار وأهل الملل ، (فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ) اسم مكان وعده ؛ قال حسّان : [البسيط]
٢٩٥٣ ـ أوردتموها حياض الموت ضاحية |
|
فالنّار موعدها والموت ساقيها (٤) |
قال صلىاللهعليهوسلم : والذي نفس محمد بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمّة ، ولا يهوديّ ولا نصرانيّ ، ومات ولم يؤمن بالّذي أرسلت به إلّا كان من أصحاب النّار» (٥).
(فَلا تَكُ فِي مِرْيَةٍ) أي : شكّ ، و «المرية» بكسر الميم وضمّها الشكّ ، لغتان :
أشهرهما الكسر ، وهي لغة أهل الحجاز ، وبها قرأ الجمهور. والضّمّ لغة وتميم ، وبها قرأ السلمي (٦) وأبو رجاء وأبو الخطاب السّدوسي.
والمعنى : (فَلا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ) أي : من صحّة هذا الدّين ، ومن كون هذا القرآن نازلا من عند الله ـ تعالى ـ.
وقيل : (فَلا تَكُ فِي مِرْيَةٍ) من أنّ موعد الكفار النّار.
__________________
(١) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٧ / ١٩) عن مجاهد وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٣ / ٥٨٧) وزاد نسبته إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ.
(٢) ذكره البغوي في «تفسيره» (٢ / ٣٧٧).
(٣) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٧ / ١٧) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٣ / ٥٨٦) وعزاه إلى ابن أبي حاتم وابن مردويه وأبي نعيم في «المعرفة».
(٤) ينظر البيت في البحر المحيط ٥ / ٢١٢ وروح المعاني ١٥ / ٢٩ ، وزاد المسير ٤ / ٨٩ والدر المصون ٤ / ٨٧.
(٥) أخرجه مسلم (١ / ١٣٤) كتاب الإيمان : باب وجوب الإيمان برسالة نبينا محمد صلىاللهعليهوسلم .... (٢٤٠ / ١٠٣).
(٦) وقرأ بها أيضا الحسن. ينظر : البحر المحيط ٥ / ٢١٢ ، والدر المصون ٤ / ٨٦.