أعمل عملا بعد الإسلام ، إلا أن أسقي الحاج ، وقال آخر : ما أبالي ألا أعمل عملا بعد الإسلام إلا أن أعمر المسجد الحرام ، وقال آخر : الجهاد في سبيل الله أفضل ممّا قلتم ، فزجرهم عمر وقال : لا ترفعوا أصواتكم عند منبر رسول الله صلىاللهعليهوسلم وهو يوم الجمعة ـ ولكن إذا صلّيت دخلت واستفتيت رسول الله صلىاللهعليهوسلم فيما أختلفتم فيه ، فدخل ، فأنزل الله عزوجل هذه الآية إلى قوله: (وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)(١).
وقال ابن عبّاس «إنّ عليّا أغلظ الكلام للعبّاس حين أسر يوم بدر ، فقال العبّاس : لئن كنتم سبقتمونا بالإسلام ، والهجرة ، والجهاد ، لقد كنا نعمر المسجد الحرام ، ونسقي الحاج ، فأنزل الله هذه الآية. وأخبر أنّ عمارتهم المسجد الحرام ، وقيامهم على السقاية ، لا ينفعهم مع الشرك بالله ، وأنّ الإيمان بالله ، والجهاد مع نبيه خير ممّا هم عليه» (٢).
وقال الحسن والشعبيّ ومحمد بن كعب القرظيّ «نزلت في عليّ بن أبي طالب ، والعباس ، وطلحة بن أبي شيبة ، افتخروا ، فقال طلحة : أنا صاحب البيت ، بيدي مفتاحه ، ولو أردت بتّ فيه ، وقال العبّاس : أنا صاحب السّقاية ، والقائم عليها ، وقال علي : لا أدري ما تقولون ، لقد صلّيت إلى القبلة ستة أشهر قبل النّاس ، وأنا صاحب الجهاد ، فأنزل الله هذه الآية» (٣).
وقيل : إنّ عليّا قال للعباس بعد إسلامه : يا عم ألا تهاجرون ، ألا تلحقون برسول اللهصلىاللهعليهوسلم؟ فقال : ألست في أفضل من الهجرة؟ أسقي الحاج ، وأعمر البيت الحرام؟ فنزلت هذه الآية ، فقال العباس : ما أراني إلّا تارك سقايتنا ، فقال عليه الصلاة والسّلام : «أقيموا على سقايتكم فإنّ لكم فيها خيرا».
__________________
(١) أخرجه مسلم (٣ / ١٤٩٩) كتاب الإمارة : باب فضل الشهادة في سبيل الله (١١١ / ١٨٧٩) وأحمد (٤ / ٢٦٩) والطبري (٦ / ٣٣٦) والبغوي في «تفسيره (٢ / ٢٧٥) عن النعمان بن بشير.
وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٣ / ٣٩٤) وزاد نسبته إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم وابن حبان والطبراني وأبي الشيخ وابن مردويه.
(٢) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٦ / ٣٣٦) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٣ / ٣٩٥) وزاد نسبته إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم.
(٣) أثر الشعبي :
أخرجه الطبري في «تفسيره» (٦ / ٣٣٧) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٣ / ٣٩٥) وعزاه إلى عبد الرزاق وابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ وابن مردويه.
أثر الحسن :
أخرجه الطبري في «تفسيره» (٦ / ٣٣٦ ـ ٣٣٧) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٣ / ٣٩٥) وعزاه إلى عبد الرزاق.
أثر محمد بن كعب القرظي :
أخرجه الطبري في «تفسيره» (٦ / ٣٣٧).
وهذه الآثار ذكرها البغوي في «تفسيره» (٢ / ٢٧٥).