واتصالاتها ، وحينئذ يسمع هذه القصص ، ويستدلّ بها على صدق الأنبياء ؛ فثبت بذلك صحة قوله : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِمَنْ خافَ عَذابَ الْآخِرَةِ).
قوله تعالى : (ذلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ) «ذلك» : إشارة إلى يوم القيامة المدلول عليه بالسياق من قوله : (عَذابَ الْآخِرَةِ). و «مجموع» صفة ل «اليوم» جرت على غير من هي له ، فلذلك رفعت الظّاهر وهو «الناس» ، وهذا هو الإعراب نحو : «مررت برجل مضروب غلامه».
وأعرب ابن عطيّة (١) : «النّاس» مبتدأ مؤخرا ، و «مجموع» خبره مقدما عليه. وفيه ضعف إذ لو كان كذلك لقيل : مجموعون ، كما يقال : النّاس قائمون ومضروبون ، ولا يقال : قائم ومضروب إلّا بضعف. وعلى إعرابه يحتاج إلى حذف عائد ، إذ الجملة صفة لليوم ، أي : النّاس مجموع له ، و «مشهود» متعيّن لأن يكون صفة فكذلك ما قبله.
وقوله : «مشهود» من باب الاتّساع في الظرف بأن جعله مشهودا ، وإنّما هو مشهود فيه ؛ وهو كقوله : [الطويل]
٣٠١٦ ـ ويوم شهدناه سليما وعامرا |
|
قليل سوى الطّعن النّهال نوافله (٢) |
والأصل : مشهود فيه ، وشهدنا فيه ، فاتّسع فيه بأن وصل الفعل إلى ضميره من غير واسطة ، كما يصل إلى المفعول به.
قال الزمخشريّ : «فإن قلت : أيّ فائدة في أن أوثر اسم المفعول على فعله؟ قلت : لما في اسم المفعول من دلالته على ثبات معنى الجمع لليوم ، وأنّه لا بدّ أن يكون ميعادا مضروبا لجمع النّاس له ، وأنّه هو الموصوف بذلك صفة لازمة». قال ابن عبّاس : يشهده البر والفاجر. وقيل : يشهده أهل السموات وأهل الأرض.
قوله : (وَما نُؤَخِّرُهُ) الضّمير يعود على «يوم».
وقال الحوفيّ : «على الجزاء». وقرأ (٣) الأعمش : «وما يؤخّره» ـ بالياء ـ أي : الله تعالى. (إِلَّا لِأَجَلٍ مَعْدُودٍ) وكل ما له عدد ، فهو متناه ، وكل ما كان متناهيا ، فلا بدّ أن يفنى ، فتأخير القيامة ينتهي إلى وقت لا بد وأن يقيم الله القيامة فيه ، وكلّ ما هو آت قريب.
قوله : (يَوْمَ يَأْتِ) قرأ أبو عمرو والكسائيّ ونافع «يأتي» (٤) بإثبات الياء وصلا وحذفها وقفا.
__________________
(١) ينظر : المحرر الوجيز ٣ / ٢٠٦.
(٢) تقدم.
(٣) ينظر : المحرر الوجيز ٣ / ٢٠٦ والبحر المحيط ٥ / ٢٦١ والدر المصون ٤ / ١٣٠.
(٤) ينظر : الحجة ٤ / ٣٧٣ وأيضا قرأ بالياء في الوصل أبو جعفر وقرأ بها في الحالتين أيضا يعقوب ينظر : الإتحاف ٢ / ١٣٥ والمحرر الوجيز ٣ / ٢٠٦ والبحر المحيط ٥ / ٢٦١ والدر المصون ٤ / ١٣٠.