وقرأ ابن كثير بإثباتها وصلا ووقفا. وباقي السبعة : قرءوا بحذفها وصلا ووقفا.
وقد وردت المصاحف بإثباتها وحذفها : ففي مصحف أبيّ إثباتها ، وفي مصحف عثمان حذفها ، وإثباتها هو الوجه ؛ لأنّها لام الكلمة ، وإنّما حذفوها في القوافي ، والفواصل ؛ لأنّها محلّ وقوف وقالوا : لا أدر ، ولا أبال.
وقال الزمخشريّ «والاجتزاء بالكسرة عن الياء كثير في لغة هذيل».
وأنشد ابن جرير في ذلك : [الرجز]
٣٠١٧ ـ كفّاك كفّ ما تليق درهما |
|
جودا وأخرى تعط بالسّيف الدّما (١) |
والنّاصب لهذا الظرف فيه أوجه :
أحدها : أنه (لا تَكَلَّمُ) والتقدير : لا تكلّم نفس يوم يأتي ذلك اليوم. وهذا معنى جيد لا حاجة إلى غيره.
الثاني : أن ينتصب ب «اذكر» مقدرا.
والثالث : أن ينتصب بالانتهاء المحذوف في قوله : (إِلَّا لِأَجَلٍ) ، أي : ينتهي الأجل يوم يأتي.
والرابع : أنّه منصوب ب (لا تَكَلَّمُ) مقدّرا ، ولا حاجة إليه.
والجملة من قوله : (لا تَكَلَّمُ) في محلّ نصب على الحال من ضمير اليوم المتقدم في «مشهود» ، أو نعتا له لأنه نكرة. والتقدير : لا تكلّم نفس فيه إلّا بإذنه ، قاله الحوفيّ.
وقال ابن عطيّة (٢) : (لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ) يصحّ أن تكون جملة في موضع الحال من الضّمير الذي في «يأت» وهو العائد على قوله : (ذلِكَ يَوْمٌ) ، ويكون على هذا عائد محذوف تقديره : لا تكلم نفس فيه ، ويصحّ أن يكون قوله : (لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ) صفة لقوله : (يَوْمَ يَأْتِ).
وفاعل «يأت» فيه وجهان :
أظهرهما : أنّه ضمير «يوم» المتقدّم.
والثاني : أنّه ضمير الله تعالى كقوله : (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللهُ) [البقرة : ٢١٠] وقوله : (أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ).
والضمير في قوله : «فمنهم» الظاهر عوده على «النّاس» في قوله : (مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ) وجعله الزمخشريّ عائدا على أهل الموقف وإن لم يذكروا ، قال : «لأن ذلك
__________________
(١) ينظر البيتان في الخصائص ٣ / ٩٠ والإنصاف ١ / ٣٨٧ وأمالي الشجري ٢ / ٧٢ والمنصف ٢ / ٧٢ واللسان (ليق) والبحر المحيط ٥ / ٢٦٢ وروح المعاني ١٢ / ١٣٩ ومعاني الفراء ٢ / ٢٧ والأضداد لابن الأنباري ٦٤ وإعراب النحاس ٢ / ٣٠٢ والقرطبي ٩ / ٤٥ والدر المصون ٤ / ١٣٠.
(٢) ينظر : المحرر الوجيز ٣ / ٢٠٧.