صنعت ؟ قال : قد انصرف القوم عنهم وأمنوا وسلموا ، فقالوا له : أشعرت أنَّ فلان بن فلان سقط في البئر فمات ؟ فقال : وأنا والله طرحته ، قيل : وكيف ذلك ؟ فقال : إني خرجت أعدو بسلاحي في ظلمة الليل وأنا أخاف الفوت على القوم الذين استغاثوا بي ، فمررت بفلان وهو قائم يستقي من البئر فزحمته ولم أرد ذلك فسقط في البئر فمات ، فعلى من دية هذا ؟ فقال : ديته على القوم الذين استنجدوا الرجل فأنجدهم وانقذ أموالهم ونساءهم وذراريهم ، أما أنه لو كان (٣) باجرة لكانت الدّية عليه وعلى عاقلته دونهم ، وذلك أنَّ سليمان بن داود أتته امرأة عجوز تستعديه على الريح ، فقالت : يا نبيَّ الله إني كنت نائمة (٤) على سطح لي وإن الريح طرحني (٥) من السطح فكسرت يدى فأعدني على الريح ، فدعا سليمان بن داود الريح ، فقال لها : ما دعاك إلى ما صنعت بهذه المرأة ؟ فقالت : صدقت يا نبيَّ الله ، إنَّ ربَّ العزَّة جلَّ وعزَّ بعثني إلى سفينة بني فلان لأنقذها من الغرق وقد كانت أشرفت على الغرق ، فخرجت في سنني (٦) وعجلتي إلى ما أمرني الله عزَّ وجلَّ به ، فمررت بهذه المرأة وهي على سطحها فعثرت بها ولم أردها فسقطت فانكسرت يدها ، فقال سليمان : يا رب بما أحكم على الريح ؟ فأوحى الله إليه يا سليمان احكم بأرش كسر يد هذه المرأة على أرباب السفينة التي أخذتها الريح من الغرق ، فأنّه لا يظلم لديَّ أحد من العالمين .
ورواه البرقيُّ في ( المحاسن ) بالإسنادين .
ورواه أيضاً عن أبيه ، وعن عليِّ بن عيسى الأنصاري القاساني ، عن أبي سليمان الديلمي ، عن أبي الحسن الثاني ( عليه السلام ) (٧) .
____________________
(٣) في المصدر زيادة : آجر نفسه .
(٤) في المصدر : قائمة .
(٥) في المصدر : طرحتني .
(٦) السَّنَن : الطريق ، ( الصحاح ـ سنن ـ ٥ : ٢١٣٨ ) .
(٧) المحاسن : ٣٠١ / ١٠ .