لَعَلَّهُمْ يَعْرِفُونَها إِذَا انْقَلَبُوا إِلى أَهْلِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ* فَلَمَّا رَجَعُوا إِلى أَبِيهِمْ قالُوا يا أَبانا مُنِعَ مِنَّا الْكَيْلُ فَأَرْسِلْ مَعَنا أَخانا نَكْتَلْ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ* قالَ هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلَّا كَما أَمِنْتُكُمْ عَلى أَخِيهِ مِنْ قَبْلُ ، فَاللهُ خَيْرٌ حافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ...).
(ح) ثم حدثتنا السورة الكريمة في القسم الثامن (١) منها عن اللقاء الثاني الذي تم بين يوسف وإخوته ، بعد أن حضروا إليه في هذه المرة ومعهم «بنيامين» شقيق يوسف ، وكيف قام يوسف بالتعرف عليه ، ثم كيف احتجزه عنده بحيلة دبرها بإلهام من الله ـ تعالى ـ وكيف رد على إخوته الذين طلبوا منه أن يأخذ أحدهم مكان «بنيامين» ...
وماذا قال «يعقوب» ـ عليهالسلام ـ بعد أن عاد إليه أبناؤه ، وليس معهم «بنيامين».
استمع الى السورة الكريمة وهي تحكى كل هذه المشاهد والأحداث فتقول :
(وَلَمَّا دَخَلُوا عَلى يُوسُفَ آوى إِلَيْهِ أَخاهُ قالَ إِنِّي أَنَا أَخُوكَ فَلا تَبْتَئِسْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ* فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهازِهِمْ جَعَلَ السِّقايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ ، ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ* قالُوا وَأَقْبَلُوا عَلَيْهِمْ ما ذا تَفْقِدُونَ* قالُوا نَفْقِدُ صُواعَ الْمَلِكِ وَلِمَنْ جاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ* قالُوا تَاللهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ ما جِئْنا لِنُفْسِدَ فِي الْأَرْضِ وَما كُنَّا سارِقِينَ* قالُوا فَما جَزاؤُهُ إِنْ كُنْتُمْ كاذِبِينَ* قالُوا جَزاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزاؤُهُ كَذلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ* فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعاءِ أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَها مِنْ وِعاءِ أَخِيهِ ، كَذلِكَ كِدْنا لِيُوسُفَ ، ما كانَ لِيَأْخُذَ أَخاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ ، نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ ...).
وينتهى هذا القسم بقول يعقوب ـ عليهالسلام ـ لأبنائه بعد أن عادوا إليه وليس معهم أخوهم بنيامين : (قالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ* وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقالَ يا أَسَفى عَلى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْناهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ* قالُوا تَاللهِ تَفْتَؤُا تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضاً أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهالِكِينَ. قالَ إِنَّما أَشْكُوا بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ. يا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللهِ إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكافِرُونَ).
(ط) ثم حدثتنا السورة الكريمة بعد ذلك في القسم التاسع (٢) منها عن اللقاء الثالث والأخير بين يوسف وإخوته ، فحكت لنا أن يوسف ـ عليهالسلام ـ كشف لإخوته عن نفسه في هذا اللقاء. وأمرهم بأن يذهبوا بقميصه ليلقوا به على وجه أبيه ... كما أمرهم أن يعودوا إليه ومعهم جميع أهلهم.
__________________
(١) الآيات من ٦٩ ـ ٨٧.
(٢) الآيات من ٨٨ ـ ١٠١.