كما حكت لنا لقاء يوسف بأبويه ، وإكرامه لهما ، وشكره لله ـ تعالى ـ على ما وهبه من نعم ..
قال ـ تعالى ـ حاكيا ما دار بين يوسف وإخوته ، وبين يوسف وأبيه في هذا اللقاء : (فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ قالُوا يا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنا بِبِضاعَةٍ مُزْجاةٍ ، فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنا إِنَّ اللهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ* قالَ هَلْ عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جاهِلُونَ* قالُوا أَإِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ قالَ أَنَا يُوسُفُ وَهذا أَخِي قَدْ مَنَّ اللهُ عَلَيْنا إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ).
(اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هذا فَأَلْقُوهُ عَلى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيراً. وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ ..).
(فَلَمَّا دَخَلُوا عَلى يُوسُفَ آوى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شاءَ اللهُ آمِنِينَ).
ثم ختم ـ سبحانه ـ قصة يوسف بهذا الدعاء الذي حكاه ـ سبحانه ـ عنه في قوله : (رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ ، فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ، أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ ، تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ).
(ى) أما القسم العاشر (١) والأخير من السورة الكريمة ، فقد كان تعقيبا على ما جاء في تلك القصة من حكم وأحكام ، ومن عبر وعظات ، ومن آداب وهدايات ...
وقد بين ـ سبحانه ـ في هذا القسم ما يدل على أن القرآن من عند الله ، وما يشهد بصدق النبي صلىاللهعليهوسلم فيما يبلغه عن ربه ..
كما بين ـ سبحانه ـ وظيفة الرسول صلىاللهعليهوسلم وموقف المشركين من دعوته وأنه صلىاللهعليهوسلم ليس بدعا من الرسل وأن العاقبة ستكون له ولأتباعه المؤمنين.
قال تعالى : (ذلِكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ ، وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ* وَما أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ* وَما تَسْئَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ* وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْها وَهُمْ عَنْها مُعْرِضُونَ* وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ ...).
ثم يختتم ـ سبحانه ـ هذه السورة الكريمة بقوله : (لَقَدْ كانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبابِ ما كانَ حَدِيثاً يُفْتَرى وَلكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ ، وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ).
__________________
(١) الآيات من ١٠٢ ـ ١١١.