يا معشر الأنصار ، املكوا على أيديكم ، ولا تسمعوا مقالة هذا وأصحابه فيذهبوا بنصيبكم من الأمر (!) فإن أبوا عليكم ما أعطيتموهم فاجلوهم عن بلادكم وتولّوا هذا الأمر عليهم ؛ فأنتم أولى الناس بهذا الأمر ، إنه دان لهذا الأمر بأسيافكم من لم يكن يدين له أنا جذيلها المحكّك وعذيقها المرجّب (١) إن شئتم لنعيدنّها جذعة (٢) والله لا يردّ أحد عليّ ما أقول إلّا حطّمت أنفه بالسيف (٣)!
فقال عمر : إذا يقتلك الله! قال الحباب : بل إياك يقتل!
وقال أبو عبيدة : يا معشر الأنصار إنكم أول من نصر وآزر ، فلا تكونوا أول من غيّر (٤).
__________________
(١) الجذيل : تصغير الجذل ، وهو العود. والمحكّك : العود الذي يجعل في مبرك الإبل لتحتك به الإبل الجربى. والعذيق : تصغير العذق بالفتح : النخلة ، فهي النخلة القصيرة. والمرجّب : المدعوم بالرجبة ، وهي العودة في رأسها شعبتان يدعم بها الشجرة والنخلة إذا كثر حملها.
(٢) جذعة : فتية قوية والضمير للحرب.
(٣) الإمامة والسياسة : ٨ ، وعن الجوهري في النهج للمعتزلي ٦ : ٩ ، والاحتجاج ١ : ٩٢ وحذف الطبري الجملة الأخيرة.
(٤) الطبري ٣ : ٢١ ، والأخيرة في الإمامة والسياسة : ٨ أيضا. وهنا في اليعقوبي ٢ : ١٢٣ زيادة : وقام عبد الرحمن بن عوف فتكلم فقال :
يا معشر الأنصار! إنكم وإن كنتم على فضل فليس فيكم مثل أبي بكر وعمر وعلي.
فقام المنذر بن الأرقم فقال : ما ندفع فضل من ذكرت ، وإن فيهم لرجلا لو طلب هذا الأمر لم ينازعه فيه أحد يعني علي بن أبي طالب عليهالسلام.
وروى الطبري (٣ : ٢٠٢) بسنده قال : فقالت الأنصار أو بعضهم : لا نبايع إلّا عليا.
وإليه أشار عمر إذ قال : فارتفعت الأصوات وكثر اللغط ، فأشفقت الاختلاف فقلت لأبي بكر : ابسط يدك فبايعته وبايعه المهاجرون وبايعه الأنصار ، ثم نزونا على سعد.