ثم قال عمر لأبي عبيدة : تكلّم.
فقام أبو عبيدة بن الجرّاح فتكلم بكلام كثير ذكر فيه فضائل الأنصار.
وكان بشير بن سعد الخزرجي أبو النعمان بن بشير من سادات الأنصار ، فلما رأى اجتماع الأنصار على سعد بن عبادة لتأميره حسده وسعى في إفساد الأمر عليه ورضي بتأمير قريش وتكلم في ذلك وحثّ الناس كلهم لا سيما الأنصار على الرضا بما يفعله المهاجرون (١) قال :
يا معشر الأنصار ؛ إنّا ـ والله ـ لئن كنا أولى فضيلة في جهاد المشركين وسابقة في هذا الدين ، فما أردنا به إلّا رضا ربّنا وطاعة نبيّنا والكدح لأنفسنا ، فما ينبغي لنا أن نستطيل على الناس بذلك ، ولا نبتغي به من الدنيا عرضا أو عوضا ، فإن الله ولي النعمة علينا بذلك.
ثم إنّ محمدا رسول الله صلىاللهعليهوآله رجل من قريش ، وقومه أحقّ بميراثه وتولّي سلطانه (!) وأيم الله لا يراني الله أنازعهم هذا الأمر أبدا (!) فاتقوا الله ولا تخالفوهم ولا تنازعوهم (٢).
ثم إن أبا بكر قام فحمد الله وأثنى عليه ودعاهم إلى الجماعة ونهاهم عن الفرقة ثم قال : وإني ناصح لكم في أحد هذين الرجلين (٣) : هذا عمر وأبو عبيدة شيخان من قريش فبايعوا أيهما شئتم.
فقال عمر وأبو عبيدة : ما نتولّى هذا الأمر عليك ، امدد يدك نبايعك (٤)!
__________________
(١) الاحتجاج ١ : ٩٣ ، وبمعناه في المصادر الثلاثة الأخرى.
(٢) المصادر الثلاثة.
(٣) الإمامة والسياسة : ٩.
(٤) الاحتجاج ١ : ٩٣.