فقام الحباب بن المنذر إلى سيفه فأخذه ، فقاموا إليه فأخذوه منه ، فقبض على ثوب وأخذ يضرب به وجوههم وهو يقول : فعلتموها يا معشر الأنصار ، أما والله لكأنّي بأبنائكم على أبواب أبنائهم قد وقفوا يسألونهم بأكفّهم ولا يسقون الماء!
فقال له أبو بكر : أمنّا تخاف يا حباب؟
فقال الحباب : ليس منك أخاف ولكن ممن يجيء بعدك!
فقال أبو بكر : فإذا كان ذلك كذلك فالأمر إليك وإلى أصحابك ليس لنا عليكم طاعة!
وقال الحباب : هيهات يا أبا بكر ، إن ذهبت أنا وأنت جاءنا بعدك من يسومنا الضيم (١)!
قال الراوي أبو عمرة بشير بن عمرو بن محصن الأنصاري الخزرجي :
وأقبل الناس من كل جانب يبايعون أبا بكر ، وكادوا يطؤون سعد بن عبادة ، فقال ناس من أصحاب سعد : اتّقوا سعدا لا تطئوه!
فقال عمر : بل اقتلوه! قتله الله! وتقدم حتى وقف على رأسه فقال له : لقد هممت أن أطأك حتى تندر (تخرج) عضدك!
فقبض سعد بن عبادة (٢) بلحية عمر! فقال له عمر : والله لو حصصت منه شعرة ما رجعت وفي فيك واضحة (سنّ)!
__________________
(١) الإمامة والسياسة : ٩.
(٢) الطبري ٣ : ٢٢٢ ، وفي الاحتجاج ١ : ٩٣ : فوثب قيس بن سعد وأخذ بلحية عمر وقال له : يا بن صهاك (جدته الحبشية) الجبان في الحرب والليث في الملأ والأمن! لو حرّكت منه (أبيه سعد) شعرة ما رجعت وفي فيك واضحة. وهذا أنسب وأقرب من أن يكون قيس بن سعد لا يساعد أباه لا بحملة ولا بجملة دفاعية ولا بكلمة ، فهذا بعيد من قيس جدا ، كما يبعد قبض اللحية من سعد وهو مريض.