فسأل عمر عليا عليهالسلام عن ذلك فقال له : إن هذا القرآن أنزل على النبيّ صلىاللهعليهوآله والأموال أربعة : أموال المسلمين فقسّمها بين الورثة بالفرائض ، والفيء فقسّمه على مستحقّيه ، والخمس فوضعه الله حيث وضعه! والصدقات فجعلها الله حيث جعلها. وكان حليّ الكعبة فيها يومئذ فتركه الله على حاله ، ولم يتركه نسيانا ولم يخف عليه مكانا ، فاقرّه حيث أقرّه الله ورسوله. فقال له عمر : لولاك لافتضحنا! وترك الحليّ بحاله (١).
وظل عمر على إحرامه إفرادا حتى أمسى بعرفة ، فنقل القاضي أبو يوسف عن شيخه أبي حنيفة بسنده عن الأسود بن يزيد قال : كنت عشية عرفة واقفا مع عمر بن الخطاب إذ أبصر رجلا قد رجّل شعره يفوح منه ريح الطيب! فقال له عمر : ويحك ألست محرما أنت؟! قال : بلى. قال : فمالي أراك يقطر رأسك طيبا والمحرم أشعث أغبر؟! قال : قدمت متمتّعا ومعي أهلي (وتمتعت) حتى عشيّة التروية فأهللت بالحج. فعند ذلك قال عمر : إذا والله لأوشكتم لو خلّيت بينكم وبين المتعة أن تضاجعوهن تحت أراك عرفة ثم تروحون حجّاجا! فنهى عن المتعة في أشهر الحج وقال : فعلتها مع رسول الله ، وأنا أنهى عنها! وذلك أن أحدكم يأتي من افق من الآفاق شعثا نصبا معتمرا في أشهر الحج وإنما شعثه ونصبه وتلبيته في عمرته ، ثم يحل ويلبس ويتطيّب ويقع على أهله إن كانوا معه ، حتى إذا كان يوم التروية أهل بالحجّ وخرج إلى منى ، يلبيّ بحجة لا شعث فيها ولا نصب ولا تلبية إلّا يوما! والحجّ أفضل من العمرة
__________________
(١) نهج البلاغة ، الكلمة ٢٧٠ ، ومصادرها في المعجم المفهرس : ١٤١٤ ومنها البخاري ، وبغى البغوي فأبى هذا الرأي على عليّ عليهالسلام فرواه عن أبيّ بن كعب! وانظر الغدير ٦ : ٢٠٣ النادرة : ٦٨ ، الحديث ١٠.