إما علي وإما عثمان. ثم التفت إلى عليّ وقال له : فقم إليّ يا علي. فقام عليّ إليه حتى وقف إلى جانب المنبر ، فأخذ عبد الرحمن بيده وقال له : هل أنت مبايعي على كتاب الله وسنّة نبيّه وفعل أبي بكر وعمر؟ قال : اللهم لا ولكن جهدي من ذلك وطاقتي! فأرسل يده. ثم نادى : قم إليّ يا عثمان ، فأخذ بيده فقال له : هل أنت مبايعي على كتاب الله وسنة نبيّه وفعل أبي بكر وعمر؟ قال : اللهم نعم ، فرفع رأسه ويده في يد عثمان وقال : اللهم اسمع واشهد ، اللهم إني قد جعلت ما في رقبتي من ذاك في رقبة عثمان! ثم قعد ابن عوف مقعد النبيّ من المنبر وأقعد عثمان على الدرجة الثانية (١).
فقال له علي : حبوته حبو الدهر ، ليس هذا أول يوم تظاهرتم فيه علينا ، فصبر جميل ، والله المستعان على ما تصفون ، والله ما ولّيت عثمان إلّا ليردّ الأمر إليك ، والله كل يوم في شأن! ثم خرج وهو يقول : سيبلغ الكتاب أجله!
فناداه عبد الرحمن : يا علي ، لا تجعل على نفسك سبيلا! فإني قد نظرت وشاورت الناس فإذا هم لا يعدلون بعثمان!
فقال له المقداد : يا عبد الرحمن! أما والله لقد تركته وهو من الذين يقضون بالحقّ وبه يعدلون! ثم قال : ما رأيت مثل ما أوتي إلى أهل هذا البيت بعد نبيّهم! إني لأعجب من قريش أنهم تركوا رجلا ما أقول إن أحدا أعلم ولا أقضى منه بالعدل ، أما والله لو أجد عليه أعوانا!
فقال له رجل : رحمك الله من أهل هذا البيت؟ ومن هذا الرجل؟ قال : أهل البيت بنو عبد المطّلب والرجل عليّ بن أبي طالب.
فقال له عبد الرحمن : يا مقداد اتّق الله فإنّي خائف عليك الفتنة!
__________________
(١) تاريخ الطبري ٤ : ٢٣٨.