الثانية : يكره أن يمنع أحد من سكنى دور مكة ، وقيل : يحرم ، والأول أصحّ.
______________________________________________________
وعن عليّ بن أبي حمزة ، عن أبي عبد الله عليهالسلام في قول الله عزّ وجلّ ( وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً ) قال : « إن سرق سارق بغير مكة أو جنى جناية على نفسه ففرّ إلى مكة لم يؤخذ ما دام في الحرم حتى يخرج عنه ولكن يمنع من السوق ولا يبايع ولا يجالس حتى يخرج منه فيؤخذ ، وإن أحدث في الحرم ذلك الحدث أخذ فيه » (١).
ويستفاد من هذه الروايات أن من هذا شأنه يمنع من السوق ولا يطعم ولا يبايع ولا يسقى ولا يؤوى ولا يكلّم وليس فيها لفظ التضييق عليه في ذلك ، وإنما وقع هذا اللفظ في عبارات الفقهاء ، وفسّروه بأن يطعم ويسقى ما لا يحتمله مثله عادة أو بما يسدّ الرمق. وكلا المعنيين مناسب للفظ التضييق لو كان واردا في النصوص. ومورد النص الالتجاء إلى الحرم ، ونقل الشارح عن بعض علمائنا أنه ألحق به مسجد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ومشاهد الأئمة عليهمالسلام محتجا بإطلاق اسم الحرم عليها في بعض الأخبار (٢). وهو ضعيف لكنه مناسب للتعظيم.
قوله : ( الثانية : يكره أن يمنع أحد من سكنى دور مكة ، وقيل : يحرم ، والأول أصح ).
القول بالتحريم منقول عن الشيخ (٣) ـ رحمهالله ـ واستدل له فخر المحققين في شرح القواعد بأن مكة كلها مسجد ، لقوله تعالى ( سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ ) (٤) وكان الإسراء من دار أمّ
__________________
(١) الكافي ٤ : ٢٢٧ ـ ٣ ، الوسائل ٩ : ٣٣٧ أبواب مقدمات الطواف ب ١٤ ح ٣.
(٢) المسالك ١ : ١٢٦.
(٣) نقله في إيضاح الفوائد ١ : ٣١٩. إلا أن كلامه في النهاية : ٢٨٤ ، والمبسوط ٣٨٤ مشعر بالكراهية.
(٤) الإسراء : ١٠١.