إلا أن يبيت بمكة مشتغلا بالعبادة ،
______________________________________________________
كان قد خرج منها فليس عليه شيء وإن أصبح دون منى » (١) والمسألة قوية الإشكال.
وقد ذكر الشيخ (٢) وأكثر الأصحاب أنه قد رخص في ترك المبيت لثلاثة : الرعاة ما لم تغرب عليهم الشمس بمنى ، وأهل سقاية العباس وإن غربت عليهم بمنى ، ومن اضطر إلى الخروج من منى لخوف على النفس أو المال المضرّ فوته أو لتمريض مريض ونحو ذلك.
وتسقط الفدية عن أهل السقاية والرعاة فيما قطع به الأصحاب ، وفي سقوطها عن المضطر وجهان ، أظهرهما ذلك ، تمسّكا بمقتضى الأصل ، والتفاتا إلى انتفاء العموم في الأخبار المتضمنة للفدية على وجه يتناول المضطر ، وأن الظاهر كون الفدية كفارة عن ترك الواجب وهو منتف هنا.
قوله : ( إلاّ أن يبيت بمكة مشتغلا بالعبادة ).
المراد أن من بات بمكة مشتغلا بالعبادة في الليالي التي يجب فيها المبيت بمنى لو لم يلزمه دم ، والظاهر أن المبيت على هذا الوجه يكون جائزا سواء كان خروجه من منى لذلك قبل غروب الشمس أو بعده.
ونقل عن ابن إدريس أنه أوجب الكفارة على المشتغل بالعبادة كغيره (٣). وهو ضعيف.
لنا : ما رواه الشيخ وابن بابويه في الصحيح ، عن معاوية بن عمار أنه سأل أبا عبد الله عليهالسلام عن رجل زار البيت فلم يزل في طوافه ودعائه والسعي والدعاء حتى طلع الفجر قال : « ليس عليه شيء كان في طاعة الله
__________________
(١) التهذيب ٥ : ٢٥٩ ـ ٨٨١ ، الإستبصار ٢ : ٢٩٤ ـ ١٠٤٨ ، الوسائل ١٠ : ٢٠٩ أبواب العود إلى منى ب ١ ح ١٦.
(٢) الخلاف ١ : ٤٦١.
(٣) السرائر : ١٤٢.