ومن نذر أن ينحر بدنة ، فإن عيّن موضعا وجب ، وإن أطلق نحرها بمكة.
ويستحب أن يأكل من هدي السياق ، وأن يهدي ثلثه ، ويتصدق
______________________________________________________
وأجاب عنهما الشيخ في كتابي الأخبار بالحمل على حالة الضرورة ، واستدل عليه بما رواه عن السكوني ، عن جعفر ، عن أبيه ، قال : « إذا أكل الرجل من الهدي تطوعا فلا شيء عليه ، وإن كان واجبا فعليه قيمة ما أكل » (١). ولا بأس بالمصير إلى هذا الحمل وإن كان بعيدا ، لأن هاتين الروايتين لا تصلحان لمعارضة الإجماع والأخبار الكثيرة.
قوله : ( ومن نذر أن ينحر بدنة ، فإن عين موضعا وجب ، وإن أطلق نحرها بمكة ).
أما وجوب صرفها مع التعيين في الموضع المعين فلا ريب فيه ، لعموم ما دل على وجوب الوفاء بالنذر ، وأما وجوب نحرها بمكة مع الإطلاق فاستدل عليه بقوله تعالى ( ثُمَّ مَحِلُّها إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ ) (٢) وبأن النذر ينصرف إلى المعهود شرعا ، والمعهود في الهدي الواجب ذبحه هناك ، وبما رواه الشيخ ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن إسحاق الأزرق الصائغ ، قال : سألت أبا الحسن عليهالسلام عن رجل جعل لله عليه بدنة ينحرها بالكوفة في شكر ، فقال لي : « عليه أن ينحرها حيث جعل لله عليه ، وإن لم يكن سمى بلدا فإنه ينحرها قبالة الكعبة منحر البدن » (٣).
وفي جميع هذه الأدلة نظر ، ولو قيل بوجوب النحر مع الإطلاق حيث شاء كان وجها قويا.
قوله : ( ويستحب أن يأكل من هدي السياق ، ويهدي ثلثه ،
__________________
(١) التهذيب ٥ : ٢٢٥ ـ ٧٦١ ، الإستبصار ٢ : ٢٧٣ ـ ٩٧٠ ، الوسائل ١٠ : ١٤٣ أبواب الذبح ب ٤٠ ح ٥.
(٢) الحج : ٣٣.
(٣) التهذيب ٥ : ٢٣٩ ـ ٨٠٦ ، الوسائل ١٠ : ٩٤ أبواب الذبح ب ٥ ح ٢.