______________________________________________________
فقال : « نعم بريدا في بريد عضاها » قال ، قلت : صيدها؟ قال : « لا ، يكذب الناس » (١) لأنا نجيب عنهما بالطعن في السند بأن في طريق الأولى الحسن بن علي الكوفي وهو مجهول الحال ، وفي طريق الثانية إرسالا مع ضعف المرسل. وقال الشيخ في التهذيب : ما تضمّن هذان الخبران من أن صيد المدينة لا يحرم المراد به ما بين البريد إلى البريد وهو ظل عائر إلى ظل وعير ويحرم ما بين الحرّتين وبها تميز صيد هذا الحرم من حرم مكة ، لأن صيد مكة محرم في جميع الحرم وليس كذلك في حرم المدينة لأن الذي يحرم منها هو القدر المخصوص (٢).
فائدة : قال العلاّمة في المنتهى : حرم المدينة يفارق حرم مكة في أمور. أحدهما : أنه لا كفارة فيما يقتل فيه من صيد أو قطع شجر على ما قلنا. الثاني : أنه يباح من شجر المدينة ما تدعو الحاجة إليه من الحشيش للعلف روى الجمهور عن عليّ عليهالسلام أنه قال : « المدينة حرام من عائر إلى وعير لا يختلى خلاها ولا ينفر صيدها ولا يصلح أن يقطع منها شجره إلاّ أن يعلف رجل بعيره » ولأن المدينة يقرب منها شجر كثير وزروع فلو منع من احتشاشها مع الحاجة حصل الضرر والحرج المنفي بالأصل والنصف بخلاف مكة. الثالث : أنه لا يجب دخولها بإحرام بخلاف حرم مكة. الرابع : أن من أدخل صيدا إلى المدينة لم يجب عليه إرساله ، لأن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يقول : « يا أبا عمير ما فعل النقير » ـ وهو طائر صغير ـ رواه الجمهور وظاهره إباحة إمساكه وإلاّ لأنكر عليه (٣). انتهى كلامه ـ رحمهالله ـ وهو جيد ، لمطابقة ما ذكره لمقتضى الأصل وإن أمكن المناقشة في جواز الاحتشاش ، لإطلاق قوله عليهالسلام : « وحرّم ما حولها بريدا في بريد أن يختلى خلاها » (٤) فإن الخلا الرطب من النبات واختلاؤه جزّه كما نصّ عليه
__________________
(١) التهذيب ٦ : ١٣ ـ ٢٤ ، الوسائل ١٠ : ٢٨٥ أبواب المزار ب ١٧ ح ٤.
(٢) التهذيب ٦ : ١٣.
(٣) المنتهى ٢ : ٨٠٠.
(٤) الفقيه ٢ : ٣٣٦ ـ ١٥٦٢ ، الوسائل ١٠ : ٢٨٥ أبواب المزار وما يناسبه ب ١٧ ح ٥.