______________________________________________________
لا ريب في وجوب الإتيان بالحج إذا انكشف العدوّ قبل التحلل والوقت باق بحيث يسع الحج ، ثم إن قلنا إن إكمال الأولى التي قد فسدت عقوبة سقطت العقوبة بالتحلل واستأنف عند زوال العذر حجّ الإسلام ولا يجب عليه سواه ، لما بيّنّاه من عدم وجوب قضاء حج العقوبة فهو حج يقضى لسنته بمعنى أنه لا يبقى في ذمة المكلف بعده حج آخر ، والمراد بالقضاء حينئذ التدارك. وإن قلنا إن الفاسد حجة الإسلام وكانت مستقرة أو قلنا بقضاء حج العقوبة لم يكن حجا يقضى لسنته ، لأن الواقع بعد التحلل في السنة الأولى حجّ الإسلام ويبقى حج العقوبة في ذمته. وذكر فخر المحققين في هذا المحل من شرح القواعد تفسيرا آخر لكون الحج يقضى في سنته وهو أن المراد بما يقضى في سنته ما يؤتى به ثانيا بعينه في تلك السنة وإن وجب الإتيان بحج آخر بعده ، فإذا قلنا إن الأولى حجة الإسلام وتمكن من فعلها ثانيا فهو حج يقضى لسنته ، لأن هذا الحج المأتي به قضاء عن تلك الفاسدة. وإن قلنا إن الأولى عقوبة لم يكن المأتي بها في تلك السنة قضاء عنها لأنه حج الإسلام فلا يكون قضاء لتلك الفاسدة فلا يكون حجا يقضى لسنته. ولو قلنا بوجوب قضاء حج العقوبة لم يجز إيقاعه في تلك السنة ، لأن حج الإسلام مقدّم على قضاء العقوبة فلا يتحقق كون المأتي به في تلك السنة قضاء عن الفاسدة على هذا التقدير (١).
ويتوجه عليه أن إرادة هذا المعنى يقتضي كون التقييد في تصوير المسألة بالإفساد مستدركا بل مخلاّ بالفهم ، لأن كل من صدّ إذا تحلل وانكشف العدوّ وفي الوقت سعة يجب عليه الحج ويأتي بمثل ما خرج منه مع أن الظاهر من كلامهم اعتبار القيد في تصوير المسألة ، وينبّه على هذا قول العلاّمة في المنتهى وغيره : وليس يتصور القضاء في العام الذي أفسد فيه في غير هذه المسألة (٢). حيث خصّ الحكم بحالة الإفساد ولو كان المراد بالقضاء الإتيان
__________________
(١) إيضاح الفوائد ١ : ٣٢٦.
(٢) المنتهى ٢ : ٨٤٨.