______________________________________________________
ويدل على الوجوب مطلقا ما رواه الشيخ في الصحيح ، عن زرارة بن أعين قال : سمعت أبا جعفر عليهالسلام يقول : « من نتف إبطه ، أو قلّم ظفره ، أو حلق رأسه ، أو لبس ثوبا لا ينبغي له لبسه ، أو أكل طعاما لا ينبغي له أكله وهو محرم ، ففعل ذلك ناسيا أو جاهلا فليس عليه شيء ، ومن فعله متعمدا فعليه دم شاة » (١) ومقتضى الرواية تعيين الشاة بذلك ، ولو قيل به إذا كان الحلق لغير ضرورة لم يكن بعيدا لكن قال في المنتهى : إنّ التخيير في هذه الكفارة لعذر أو غيره قول علمائنا أجمع (٢).
ويستفاد من رواية حريز أنّ هذه الكفّارة مخيرة بين الشاة وصيام الثلاثة الأيّام وإطعام ستة مساكين لكل مسكين مدّان. وبمضمونها أفتى الشيخ (٣) وأكثر الأصحاب ، وذهب بعضهم إلى وجوب إطعام عشرة لكل مسكين مدّ (٤) ، لرواية عمر بن يزيد ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : « قال الله تعالى في كتابه ( فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ ). فمن عرض له أذى أو وجع فتعاطى ما لا ينبغي للمحرم إذا كان صحيحا ، فالصيام ثلاثة أيّام ، والصدقة على عشرة مساكين يشبعهم من الطعام ، والنسك شاة يذبحها فيأكل ويطعم ، وإنّما عليه واحد من ذلك » (٥) وهذه الرواية مع ضعف سندها بمحمد بن عمر بن يزيد وهو مجهول ، لا تدل على تعين إطعام المدّ بل مقتضاها الاكتفاء بإشباع المساكين ، ومع ذلك فهي مخالفة لما عليه الأصحاب من عدم جواز الأكل من الفداء. وقال الشيخ في التهذيب : إنّه ليس بين هذه الرواية والّتي تقدّمها تضادّ في كمية الإطعام ،
__________________
(١) التهذيب ٥ : ٣٦٩ ـ ١٢٨٧ ، الإستبصار ٢ : ١٩٩ ـ ٦٧٢ ، الوسائل ٩ : ٢٨٩ أبواب بقية كفارات الإحرام ب ٨ ح ١.
(٢) المنتهى ٢ : ٨١٥.
(٣) النهاية : ٢٣٣ ، والمبسوط ١ : ٣٥٠.
(٤) كالشهيد الأول في الدروس : ١٠٩.
(٥) التهذيب ٥ : ٣٣٣ ـ ١١٤٨ ، الإستبصار ٢ : ١٩٥ ـ ٦٥٧ ، الوسائل ٩ : ٢٩٦ أبواب بقية كفارات الإحرام ب ١٤ ح ٢.