______________________________________________________
الذي ضل بعد الإشعار ثم وجد في منى ، ولا يلزم منه تعينه للنحر بعد الإشعار مطلقا. وما ذكره المصنف من جواز التصرف فيه بعد الإشعار وقبل السياق مطابق لمقتضى الأصل ، فيجب المصير إليه إلى أن يقوم الدليل على خلافه.
إذا تقرر ذلك فاعلم أن المحقق الشيخ على (١) والشارح (٢) ـ رحمهما الله ـ أوردا على عبارة المصنف أنها لا تخلو من التدافع بحسب الظاهر ، لأن جواز إبدال الهدي والتصرف فيه بعد الإشعار ينافي وجوب نحره بمنى. وهذا الإيراد إنما يتجه لو اتحد متعلق الحكمين ، لكن العبارة كالصريحة في خلافه ، فإن موضع الجواز فيها ما بعد الإشعار وقبل السياق ، وموضع الوجوب المقتضي لعدم جواز التصرف ما بعد السياق.
واختلف كلامهما في تنزيل العبارة على ما يندفع به التنافي ويحصل به المطابقة للحكم المذكور ، فقال المحقق الشيخ علي : إن المراد بالإشعار أو التقليد الواقع في العبارة ما وقع منهما على غير الوجه المعتبر ، وهو المقصود بهما الإحرام أو المكمل بهما ، فإن ذلك لا يقتضي المنع من التصرف في الهدي ، والمراد بالسياق في قوله : لكن متى ساقه فلا بد من نحره ، الإشعار أو التقليد الواقعان على الوجه المعتبر (٣). ولا يخفى ما في هذا التنزيل من البعد وشدة المخالفة للظاهر ، لاقتضائه استعمال كل من الإشعار والتقليد والسياق في غير معناه الشرعي والعرفي.
وذكر الشارح في تنزيل العبارة على ما تندفع به المنافاة وتحصل به المطابقة للحكم المذكور وجها آخر ، وهو أن يراد بالهدي الذي يجوز لسائقه إبداله والتصرف في الهدي المعد للسياق من غير أن يتعين بالإشعار أو التقليد
__________________
(١) جامع المقاصد ١ : ١٧٢ أورد ذلك على مثل عبارة المصنف.
(٢) المسالك ١ : ١١٧.
(٣) جامع المقاصد ١ : ١٧٢.