( وعند غسل اليسرى : اللهمّ لا تعطني كتابي بشمالي ) قد جعل الله تعالى علامة رضاه ـ في ذلك اليوم الشديد والعفو عن التوبيخ والتهديد ـ إعطاء الكتاب الذي قد كتبه عليه الحفظة في دار الدنيا بيمينه ، وعلامة سخطه وإعراضه عن العبد ـ لكثرة ذنوبه وسوء أعماله ـ إعطاءه الكتاب بشماله ، وهو من قرائن العذاب والتنويه بقبائح الكتاب.
وفي بعض الروايات (١) بدل بشمالي بيساري ( ولا تجعلها مغلولة إلى عنقي ) خصّها بذلك مع أنّ اليمين تشاركها في الغلّ عند إرادة عذابه كما ورد في الأخبار (٢) ، للاشتغال عند ذكر اليمين بطلب أنواع الخير ـ كما قد عرفت ـ وسؤال صرف السوء عند الشمال ، فناسب تخصيصها بذكر الغلّ وإن لم تختصّ بالغلّ.
( وأعوذ بك من مقطّعات النار ) وفي بعض الروايات (٣) : النيران بالجمع.
والمقطّعات ـ بالقاف والطاء المهملة المشدّدة المفتوحة ـ : ثياب أهل النار ، قال الجوهري : « المقطّعات من الثياب شبه الجباب ونحوها ، وقال أبو عمرو : ومقطّعات الثياب : قصارها » (٤).
ومثله نقل الهروي في الغريبين عن أبي عبيد ونقل عن غيره : « أنّها كلّ ثوب يقطع من قميص وغيره ، فإنّ من الثياب ما لا يقطع كالأزر والأردية ، ومنها ما يقطع » قال : « وممّا يقوّي ذلك حديث ابن عباس في وصف سعف نخل الجنّة ، منها مقطّعاتهم » (٥).
ولم يكن يصف ثيابهم بالقصر ، لأنّه عيب.
والمقطّعات اسم واقع على الجنس لا يفرد له واحد من لفظه ، فلا يقال للجبّة : مقطّعة ، بل يقال لجملة الثياب : مقطّعات وللواحد ثوب كالإبل واحدها بعير ، والمعشر واحدها رجل.
وربّما ضبطه بعضهم في الدعاء بالفاء والظاء المعجمة جمع مفظعة بالكسر ، يقال :
__________________
(١) « الفقيه » ١ : ٢٦ ـ ٢٧ ـ ٨٤.
(٢) « تفسير القمّي » ٢ : ٢٨٩ ، « الإقبال » ٥٢.
(٣) « الفقيه » ١ : ٢٧ ـ ٨٤.
(٤) « الصحاح » ٣ : ١٢٦٧ « قطع ».
(٥) « الغريبين » ٣ : ١٨١ « قطع ».