إشكال فيه في الجملة في الفرض الثاني مع أنّ مسّه يوجب الغسل جزما.
وبهذا ظهر لك وجه آخر لضعف الاستدلال للوجوب بالاستصحاب وقاعدة الميسور ونحوهما.
فالإشكال كلّ الإشكال في المقام إنّما هو في أنّ غسل الجزء المنفصل عند فقد الباقي كغسله عند وجوب الباقي في عدم تأثيره في رفع الحدث والخبث ، أو أنّ غسل البعض في مثل الفرض بمنزلة غسل الكلّ في الأثر ، فإن كان من قبيل الأوّل ، فلا ينبغي الارتياب في عدم وجوبه ، كما لو اتّصل بما عداه ممّا تعذّر غسله ، وإنّما الشأن في إثبات كونه مؤثّرا كغسل الكلّ ، فإن ثبت ذلك ، يسهل الالتزام بوجوبه ، لإمكان دعوى القطع بعدم الفرق بين أبعاض الميّت ومجموعه في وجوب التطهير ، فيكون كلّ جزء جزء من جسده في حدّ ذاته واجبا مستقلّا وإن امتنع تحقّقه في الخارج حين الاتّصال إلّا بغسل الجميع ، فعند الانفصال يحب تطهير كلّ جزء مع التمكّن ، والمفروض إمكانه فيجب ، لأنّ الميسور لا يسقط بالمعسور ، وما لا يدرك كلّه لا يترك كلّه.
ويؤيّده بل يشهد له : ما رواه محمد بن سنان عن الرضا عليهالسلام في علّة غسل الميّت «أنّه يغسّل ليطهر وينظف عن أدناس أمراضه وما أصابه من صنوف علله ، لأنّه يلقى الملائكة ويباشر أهل الآخرة ، فيستحبّ إذا ورد على الله عزوجل ولقي أهل الطهارة ويماسّونه ويماسّهم أن يكون طاهرا نظيفا موجّها به إلى الله عزوجل» (١) الحديث.
وعن الفضل بن شاذان عنه أيضا «إنّما أمر بغسل الميّت ، لأنّه إذا مات كان
__________________
(١) عيون أخبار الرضا عليهالسلام ٢ : ٨٨ ـ ٨٩ ، الوسائل ، الباب ١ من أبواب غسل الميّت ، الحديث ٣.