ودعوى الانصراف عنه غير مسموعة خصوصا بعد اعتضاده بفهم الأصحاب وإجماعهم ، كما أنّ فهمهم يؤيّد ظهور المنع من مسّ الطيب ـ في سائر الأخبار ـ في العموم.
كما يؤيّده أيضا ما روي عن ابن عباس أنّ محرما وقصت (١) به ناقته فذكر ذلك للنبيّ صلىاللهعليهوآله ، فقال : «اغسلوه بماء وسدر وكفّنوه ، ولا تمسّوه طيبا ولا تخمّروا رأسه فإنّه يحشر يوم القيامة ملبّيا» (٢).
والعجب من السيّد قدسسره مع أنّه لا يعمل إلّا بالقطعيّات فقد حكي (٣) عنه المنع من تخمير رأسه ، محتجّا بهذه الرواية مع معارضتها للأخبار المتقدّمة التي كادت تكون صريحة في خلافه ، بل في بعضها التصريح بتخمير وجهه ورأسه.
نعم ، ربما يستشعر ذلك ممّا روي مرسلا عن الصادق عليهالسلام أنّه قال : «من مات محرما بعثه الله ملبّيا» (٤) لكنّه ليس بشيء في مقابل ما عرفت.
وأضعف منه ما حكي عن العماني من موافقة السيّد في المنع من تغطية رأسه بل الوجه أيضا ، محتجّا بأنّ تغطية الرأس والوجه مع تحريم الطيب ممّا لا يجتمعان ، والثاني ثابت ، فالأوّل منتف (٥).
وفيه ما لا يخفى.
وقد عرفت أنّ الأظهر أنّه لا مقدّر للواجب من الكافور في الحنوط كما هو
__________________
(١) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : «وقعت». والصحيح ما أثبتناه.
(٢) صحيح البخاري ٢ : ٩٦ ، صحيح مسلم ٢ : ٨٦٥ / ٩٤ ، سنن ابن ماجة ٢ : ١٠٣٠ / ٣٠٨٤ ، سنن أبي داود ٣ : ٢١٩ / ٣٢٣٨ ، سنن النسائي ٥ : ١٩٥ و ١٩٦ ، سنن البيهقي ٣ : ٣٩٢.
(٣) كما في كتاب الطهارة ـ للشيخ الأنصاري ـ : ٣٠١ ، وكذا في المعتبر ١ : ٣٢٦.
(٤) الفقيه ١ : ٨٤ / ٢٧٩ ، الوسائل ، الباب ١٣ من أبواب غسل الميّت ، الحديث ٦.
(٥) حكاه عنه العلّامة الحلّي في مختلف الشيعة ١ : ٢٣٠ ـ ٢٣١ ، المسألة ١٧١.