وفاته بقليل فقال : يا علي ويا فاطمة هذا حنوطي من الجنّة دفعه إليّ جبرئيل ، وهو يقرأ كما السلام ويقول لكما : اقسماه واعزلا منه لي ولكما ، فقالت فاطمة عليهاالسلام : يا أبتاه لك ثلثه ، وليكن الناظر في الباقي عليّ بن أبي طالب عليهالسلام ، فبكى رسول الله صلىاللهعليهوآله وضمّها إليه ، وقال : موفّقة رشيدة ، مهديّة ملهمة ، يا علي قل في الباقي ، قال : نصف ما بقي لها ، والنصف لمن ترى يا رسول الله ، قال : هو لك فاقبضه» (١).
بقي في المقام شيء ، وهو أنّه لا دلالة في شيء من الأخبار المتقدّمة ـ الواردة في تحديد مقدار الكافور ـ على إرادة خصوص ما يحنّط به بعد الغسل ، بل الظاهر أنّ الكافور الذي أتي به من الجنّة لرسول الله صلىاللهعليهوآله لم يكن لخصوص الحنوط كي يستعمل في غسله غيره ، وإطلاق الحنوط عليه في الأخبار لا ينافي ذلك ، فعلى هذا يشكل ما يظهر من المتن وغيره من اختصاص المقادير المذكورة ، وتنزيل كلامهم على إرادة ما يستعمل في تجهيز الميّت مطلقا تغليبا بعيد.
لكن فتواهم بما عرفت من التقادير وفهمم إيّاها من الروايات ونقل إجماعهم عليها ـ كما عن بعضهم ـ يهوّن الأمر علينا بعد البناء على المسامحة خصوصا مع ما عن الفقه الرضوي من التصريح بما عليه الأصحاب ، قال : «فإذا فرغت من كفنه حنّطه بوزن ثلاثة عشر درهما وثلث من الكافور وتبدأ بجبهته ، وتمسح مفاصله كلّها به ، وتلقي ما بقي على صدره وفي وسط راحتيه ، ولا تجعل في فمه ولا منخريه ولا في عينه ولا في مسامعه ولا على وجهه قطنا ولا كافورا ،
__________________
(١) الطرف : ٤١ ـ ٤٢ ، الطرفة السابعة والعشرون ، الوسائل ، الباب ٣ من أبواب التكفين ، الحديث ١٠.