لكن في طهارة شيخنا المرتضى رحمهالله ـ بعد نقل الإجماع المتقدّم عن الخلاف ـ قال : ولو لا الإجماع ، لأمكن الخدشة في إخراج مقدّمات الأفعال ، كالحفر والحمل والغسل ونحوها ، فإنّ المتيقّن خروج الأعيان المصروفة في التجهيز ، كالماء والخليطين والكفن وأجرة المدفن.
وأشكل من ذلك ما لو توقّف مباشرة الفعل على بذل مال لظالم يمنع من الغسل والدفن في الأرض المباحة ونحو ذلك (١). انتهى.
وفي الجواهر قوّى عدم أخذ مثل هذه المقدّمات من التركة بل ادّعى (٢) انصراف لفظ «المئونة» في معقد الإجماع إلى غيرها (٣).
وفيه ما لا يخفى بعد ما أشرنا إليه فيما تقدّم من أنّ مقتضى قاعدة نفي الضرر وغيرها : عدم وجوب بذل المال على أحد في مقدّمات التكفين ، بل قد سمعت من صاحب المدارك دعوى الإجماع عليه حيث قال : لا محلّ له سوى التركة إجماعا ، فلا يجب على المكلّفين كفاية إلّا مباشرة نفس الأعمال بشرط القدرة ، لا بذل المال ، خصوصا فيما يأخذه الظالم ، فإنّه ينبغي الجزم بعدم وجوب بذله على أحد ، فلو لم يجب أخذه من التركة ، للزم جواز إبقاء الميّت ـ الذي خلّف تركة بقدر حاجته ـ بلا دفن ، وهو معلوم الفساد ، للقطع بعدم رضا الشارع بذلك ، بل ينبغي القطع بأولوية الميّت بماله فيما يحتاج إليه لتجهيزه من وارثه الذي لا يستحقّه إلّا لكونه أولى الناس به ، فكيف يتقدّم على نفسه!؟ بل كيف يجعل
__________________
(١) كتاب الطهارة : ٣١١.
(٢) في الطبعة الحجريّة : «ودعوى» بدل «ادّعى».
(٣) جواهر الكلام ٤ : ٢٦٢.