لنرجعنّ ، قال : فلم تسكت فرجع عطاء ، قال : فقلت لأبي جعفر عليهالسلام : إنّ عطاء قد رجع ، قال : «ولم؟» قلت : صرخت هذه الصارخة فقال لها : لتسكتنّ أو لنرجعنّ ، فلم تسكت فرجع ، فقال : «امض بنا فلو أنّا إذا رأينا شيئا من الباطل مع الحقّ تركنا له الحقّ لم نقض حقّ مسلم» قال : فلمّا صلّي على الجنازة قال وليّها لأبي جعفر عليهالسلام : ارجع مأجورا رحمك الله ، فإنّك لا تقوى على المشي ، فأبى أن يرجع ، قال : فقلت له : قد أذن لك في الرجوع ولي حاجة أريد أن أسألك عنها ، فقال : «امض فليس بإذنه جئنا ولا بإذنه نرجع ، إنّما هو فضل وأجر طلبناه ، فبقدر ما يتبع الجنازة الرجل يؤجر على ذلك» (١).
وظاهرها ـ بل كاد يكون صريحها ـ استحباب مطلق التشييع من دون مدخليّة إذن الوليّ فيه ابتداء واستدامة ، فللمشيّع الرجوع في الأثناء وإن لم يأذن له الوليّ ، ولا يقدح رجوعه في استحقاقه الأجر بقدر ما تبعه ، بل كاد يكون صريحها ـ حيث لم يعترض الإمام عليهالسلام على ما فعله عطاء إلّا بأنّه لا يترك الحقّ للباطل ـ جواز الرجوع في الأثناء بدون إذن الوليّ ، وعدم حرمته ، كما أنّ ظاهر جملة من الأخبار جواز الرجوع بعد الصلاة قبل الدفن من دون اشتراطه بإذن الوليّ.
فما في مرفوعة البرقي عن الصادق عليهالسلام قال : «قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : أميران وليسا بأميرين : ليس لمن تبع جنازة أن يرجع حتى يدفن أو يؤذن له ، ورجل يحجّ مع امرأة فليس له أن ينفر حتّى تقضي نسكها» (٢) يجب حمله على بعض
__________________
(١) الكافي ٣ : ١٧١ ـ ١٧٢ / ٣ ، التهذيب ١ : ٤٥٤ ـ ٤٥٥ / ١٤٨١ ، الوسائل ، الباب ٤٠ من أبواب صلاة الجنازة ، الحديث ١.
(٢) الكافي ٣ : ١٧١ / ٢ ، الخصال : ٤٩ / ٥٨ ، الوسائل ، الباب ٣ من أبواب الدفن ، الحديث ٦.